قَدْ رَوِيَتْ إِلَّا دُهَيْدِهِينا ... قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرِينا
فَجُمِعَ بِالنُّونِ لأَنه أَراد العَدَد الَّذِي لَا يُحَدُّ آخِرُهُ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فأَصْبَحَتِ المَذاهِبُ قَدْ أَذاعَتْ ... بِهَا الإِعْصارُ، بَعْدَ الْوابِلِينا
أَراد المَطَر بَعْدَ المَطَر غَيْرَ مَحْدُودٍ، وَكَذَلِكَ عِلِّيُّون ارتفاعٌ بَعْدَ ارتفاعٍ. قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ فِي قَوْلِهِ جَلَّ وَعَزَّ: لَفِي عِلِّيِّينَ
؛ أَي فِي أَعلى الأَمكنة، وَما أَدْراكَ مَا عِلِّيُّونَ
، قَالَ: وَإِعْرَابُ هَذَا الِاسْمِ كإعرابِ الجَمْع لأَنه عَلَى لفظِ الجَمْعِ كَمَا تَقُول هَذِهِ قِنِّسْرُون ورأَيت قِنِّسْرينَ، وعِلِّيُّون السماءُ السَّابِعَةُ؛ قَالَ الأَزهري: وَمِنْهُ قولُ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ أَهل الْجَنَّةِ ليَتَراءَوْن أَهلَ عِلِّيِّين كَمَا تَراءَوْنَ الكَوْكَبَ الدُّرِّيَّ فِي أُفُق السَّمَاءِ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: عِلِّيُّون اسْمٌ لِلسَّمَاءِ السَّابِعَةِ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمٌ لدِيوانِ الْمَلَائِكَةِ الحَفَظَة يُرفع إِلَيْهِ أَعمال الصَّالِحِينَ مِنَ العِبادِ، وَقِيلَ: أَرادَ أَعْلى الأَمكنة وأَشرف الْمَرَاتِبِ وأَقربها مِنَ اللَّهِ فِي الدارِ الْآخِرَةِ، ويُعْرَب بالحروفِ وَالْحَرَكَاتِ كقِنِّسْرين وأَشباهِها، عَلَى أَنه جمعٌ أَو وَاحِدٌ؛ قَالَ أَبو سَعِيدٍ: هَذِهِ كَلِمَةٌ معروفةٌ عِنْدَ الْعَرَبِ أَن يَقُولُوا لأَهل الشَّرَف فِي الدُّنْيَا والثَّرْوَة والغِنى أَهل عِلِّيِّين، فَإِذَا كَانُوا مَتَّضِعين قَالُوا سِفْلِيُّون. والعِلِّيُّون فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: الَّذِينَ يَنزلون أَعاليَ الْبِلَادِ، فَإِذَا كَانُوا يَنْزِلُونَ أَسافِلهَا فَهُمْ سِفْلِيُّون. وَيُقَالُ: هَذِهِ الْكَلِمَةُ تَسْتَعْلِي لِسَانِي إِذَا كَانَتْ تَعْتَرُّه وتَجْري عَلَيْهِ كَثِيرًا. وَتَقُولُ الْعَرَبُ: ذَهَبَ الرَّجُلُ عَلاءً وعُلْواً وَلَمْ يَذْهَبْ سُفْلًا إِذَا ارْتَفع. وتَعَلَّتِ المرأَةُ: طَهُرَتْ مِنْ نِفاسِها. وَفِي حَدِيثِ
سُبَيْعة: أَنها لَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفاسها
أَي سَلِمَت، وَقِيلَ: تَشَوَّفَتْ لخُطَّابها، وَيُرْوَى: تَعَالَت أَي ارْتَفَعَت وَظَهَرَتْ، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ تَعَلَّى الرجلُ مِنْ عِلَّتِه إِذَا برأَ؛ أَيْ خَرَجت مِنْ نِفَاسِهَا وسلمت وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَا ذَاتَ بَعْلٍ مِنْ نِفَاسٍ تَعَلَّتِ
وتَعَلَّى المريضُ مِنْ عِلَّتِه: أَفاق مِنْهَا. ويَعْلى: اسمٌ؛ فأَما قَوْلُهُ:
قدْ عَجِبَتْ مِني وَمِنْ يُعَيْلِيا، ... لَمّا رأَتْني خَلَقاً مُقْلَوْلِيا
فَإِنَّهُ أَراد مِنْ يُعَيْلِي فَرَدَّهُ إِلَى أَصله بأَن حَرَّك الياءَ ضَرُورَةً، وأَصل الياءَات الْحَرَكَةُ، وَإِنَّمَا لَمْ يُنَوَّن لأَنه لا ينصرف. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: ويُعَيْلِي مُصَغَّر اسْمَ رَجُلٍ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ يُعَيْلٍ، وَإِذَا نُسِبَ الرجلُ إِلَى عليِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالُوا عَلَوِيٌّ، وَإِذَا نَسَبُوا إِلَى بَنِي عَلِيٍّ وَهُمْ قَبِيلَةٌ مِنْ كِنَانَةَ قَالُوا هؤُلاء العَلِيُّون؛ وَرَوِيَ عَنِ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ:
بَنُو عَلِيٍّ كلُّهم سَوَاءُ
قَالَ: بَنُو عَلِيٍّ مِنْ بَنِي العَبَلات مِنْ بَنِي أُمَيَّة الأَصغر، كَانَ وَلِيَ مِنْ بَعْدِ طَلْحة الطَّلَحات لأَن أُمّهم عَبْلة بِنْتُ حَادِلٍ «١» مِنَ الْبَرَاجِمِ، وَهِيَ أُمّ وَلَدِ ابْنِ أُمية الأَصْغر. وعَلْوَان ومُعَلًّى: اسْمَانِ، وَالنِّسَبُ إِلَى مُعَلًّى مُعَلّوِيٌّ. وتِعْلَى: اسْمُ امْرَأَة «٢». وأَخَذَ مَالِي عَلْوَةً أَي عَنْوَة؛ حَكَاهَا اللِّحْيَانِيُّ عن الرُّؤاسي.
(١). قوله حادل هكذا في الأَصل.
(٢). قوله وتِعْلَى اسم امرأة هكذا في الأَصل والتكملة، وفي القاموس: يِعْلَى، بكسر الياء.