يَنْدَ لِي بِشَيْءٍ وَلَمْ يَبِضَّ لِي بِشَيْءٍ. وَمَا أَعْنَتِ الأَرضُ شَيْئًا أَي مَا أَنْبَتَت؛ وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ فِي قَوْلِ عَدِيٍّ:
ويَأْكُلْنَ مَا أَعْنَى الوَلِيُ
قَالَ: حَذَفَ الضَّمِيرَ الْعَائِدَ عَلَى مَا أَي مَا أَعْناهُ الوَلِيُّ، وَهُوَ فِعْلٌ مَنْقُولٌ بِالْهَمْزِ، وَقَدْ يَتَعدَّى بِالْبَاءِ فَيُقَالُ: عَنَتْ بِهِ فِي مَعْنَى أَعْنَتْهُ؛ وَعَلَيْهِ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
مِمَّا عَنَتْ بِهِ
وَسَنَذْكُرُهُ عَقِبَهَا. وعَنَت الأَرضُ بالنباتِ تَعْنُو عُنُوّاً وتَعْني أَيضاً وأَعْنَتْهُ: أَظْهَرَتْه. وعَنَوْت الشيءَ: أَخرجته؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَلَمْ يَبْقَ بالخَلْصاءِ، مِمَّا عَنَتْ بِهِ ... مِن الرُّطْبِ، إِلَّا يُبْسُها وهَجِيرُها
وأَنشد بَيْتَ المُتَنَخِّل الهُذَلي:
تَعْنُو بمَخْرُوتٍ لَهُ ناضِحٌ
وعَنَا النَّبْتُ يَعْنُو إِذا ظَهَرَ، وأَعْنَاهُ المَطَرُ إِعْنَاءً. وعَنا الماءُ إِذا سالَ، وأَعْنَى الرجلُ إِذا صادَف أَرضاً قَدْ أَمْشَرَتْ وكَثُرَ كَلَؤُها. وَيُقَالُ: خُذْ هَذَا وَمَا عَانَاه أَي مَا شاكَلَه. وعَنَا الكلبُ لِلشَّيْءِ يَعْنُو: أَتاهُ فشَمَّه. ابْنُ الأَعرابي: هَذَا يَعْنُو هَذَا أَي يأْتيه فيَشَمُّه. والهُمُومُ تُعَانِي فُلَانًا أَي تأْتيه؛ وأَنشد:
وإِذا تُعانِيني الهُمُومُ قَرَيْتُها ... سُرُحَ اليَدَيْنِ، تُخالِس الخَطَرانا
ابْنُ الأَعرابي: عَنَيْت بأَمره عِناية وعُنِيّاً وعَناني أَمره سواءٌ فِي الْمَعْنَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ:
إِيَّاكِ أَعْنِي؛ واسْمَعي يَا جارَهْ
وَيُقَالُ: عَنِيتُ وتعَنَّيْت، كلٌّ يُقَالُ. ابْنُ الأَعرابي: عَنَا عَلَيْهِ الأَمرُ أَي شَقَّ عَلَيْهِ؛ وأَنشد قَوْلَ مُزَرِّد:
وشَقَّ عَلَى امْرِئٍ، وعَنَا عَلَيْهِ ... تَكاليفُ الَّذِي لَنْ يَسْتَطِيعا
وَيُقَالُ: عُنِيَ بِالشَّيْءِ، فَهُوَ مَعْنِيٌّ بِهِ، وأَعْنَيْته وعَنَّيْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ؛ وأَنشد:
وَلَمْ أَخْلُ فِي قَفْرٍ وَلَمْ أُوفِ مَرْبَأً ... يَفاعاً، وَلَمْ أُعنِ المَطِيَّ النَّواجِيا
وعَنَّيْتُه: حَبَسْتُه حَبْساً طَوِيلًا، وَكُلُّ حَبْسٍ طَوِيلٍ تَعْنِيَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ:
قَطَعْتَ الدَّهْرَ، كالسَّدِمِ المُعَنَّى، ... تُهَدِّرُ فِي دِمَشْقَ، وَمَا تَريمُ
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَقِيلَ إِنَّ المُعَنَّى فِي هَذَا الْبَيْتِ فَحْلٌ لَئيمٌ إِذا هَاجَ حُبِسَ فِي العُنَّة، لأَنه يُرغبُ عَنْ فِحْلتِه، وَيُقَالُ: أَصلُه معَنَّن فأُبدِلت مِنْ إِحدى النُّونَاتِ ياءٌ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمُعَنَّى فَحْلٌ مُقْرِفٌ يُقَمَّط إِذا هَاجَ لأَنه يُرغب عَنْ فِحْلتِه. وَيُقَالُ: لَقِيتُ مِنْ فُلَانٍ عَنْيةً وعَنَاءً أَي تَعَباً. وعَناهُ الأَمرُ يَعْنِيه عِنَايةً وعُنِيّاً: أَهَمَّه. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ، وَقُرِئَ
يعْنيه
، فَمَنْ قرأَ
يعْنيه
، بِالْعَيْنِ الْمُهْمِلَةِ، فَمَعْنَاهُ لَهُ شأْن لَا يُهِمُّه مَعَهُ غيرهُ، وَكَذَلِكَ شَأْنٌ يُغْنِيهِ أَي لَا يَقْدِرُ مَعَ الِاهْتِمَامِ بِهِ عَلَى الِاهْتِمَامِ بِغَيْرِهِ. وَقَالَ أَبو تُرَابٍ: يُقَالُ مَا أَعْنَى شَيْئًا وَمَا أَغنى شَيْئًا بِمَعْنًى وَاحِدٍ. واعْتَنَى هُوَ بأَمره: اهْتَمَّ. وعُنِيَ بالأَمر عِنَايَةً، وَلَا يُقَالُ مَا أَعْنَانِي بالأَمر، لأَن الصِّيغَةَ مَوْضُوعَةٌ لِمَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَصِيغَةُ التَّعَجُّبِ إِنَّمَا هِيَ لَمَّا سُمِّي فَاعِلُهُ.