وأَما أَفْرَيْت إِفْرَاء فَهُوَ مِنَ التَّشْقِيقِ عَلَى وَجْهِ الْفَسَادِ. الأَصمعي: أَفْرَى الْجِلْدَ إِذا مَزَّقَه وخَرَقَه وأَفسده يُفْرِيه إِفْرَاء. وفَرَى الأَدِيمَ يَفْرِيه فَرْياً، وفَرَى المَزادة يَفْرِيها إِذا خَرَزَها وأَصلحها. والمَفْرِيَّةُ: المَزادة المَعْمُولة المُصْلَحة. وتَفَرَّى عَنْ فُلَانٍ ثَوْبُهُ إِذا تشقَّق. وَقَالَ اللَّيْثُ: تَفَرَّى خَرْز الْمَزَادَةِ إِذا تَشَقَّقَ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي وَحْدَهُ فَرَى أَوْداجَه وأَفْرَاها قَطَّعَهَا. قَالَ: وَالْمُتْقِنُونَ مِنْ أَهل اللُّغَةِ يَقُولُونَ فَرَى للإِفساد، وأَفْرَى للإِصلاح، وَمَعْنَاهُمَا الشِّقُّ، وَقِيلَ: أَفْرَاه شقَّه وأَفسده وَقَطَعَهُ، فإِذا أَردت أَنه قَدَّرَهُ وَقَطَعَهُ للإِصلاح قُلْتَ فَرَاه فَرْياً. الْجَوْهَرِيُّ: وأَفْرَيْت الأَوْداج قَطَعْتُهَا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِرَاجِزٍ:
إِذا انْتَحَى بِنابِه الهَذْهَاذِ، ... فَرَى عُروقَ الوَدَجِ الغَواذِي
الْجَوْهَرِيُّ: فَرَيْت الشَّيْءَ أَفْرِيه فَرْياً قَطَعْتُهُ لأُصلحه، وفَرَيْت المَزادة خَلَقْتها وَصَنَعْتُهَا؛ وَقَالَ:
شَلَّتْ يَدا فَارِيةٍ فَرَتْها «١» ... مَسْكَ شَبُوبٍ ثُمَّ وَفَّرَتْها،
لَوْ كانتِ الساقِيَ أَصْغَرَتْها
قَوْلُهُ: فَرَتْها أَي عَمِلَتها. وَحَكَى الْجَوْهَرِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: أَفْرَيْت الأَديم قَطَعْتُهُ عَلَى جِهَةِ الإِفساد، وفَرَيْته قَطَعْتُهُ عَلَى جِهَةِ الإِصلاح. غَيْرُهُ: أَفْرَيْت الشَّيْءَ شَقَقْتُهُ فانْفَرَى وتَفَرَّى أَي انْشَقَّ. يُقَالُ: تَفَرَّى اللَّيْلُ عَنْ صُبْحِهِ، وَقَدْ أَفْرَى الذئبُ بطنَ الشاةِ، وأَفْرَى الجُرحَ يُفْرِيه إِذا بَطَّه. وجِلْد فَرِيٌّ: مَشْقُوق، وَكَذَلِكَ الفَرِيَّة، وَقِيلَ: الفَرِيَّة مِنَ القِرَب الْوَاسِعَةُ. ودلْو فَرِيٌّ: كَبِيرَةٌ وَاسِعَةٌ كأَنها شُقَّتْ؛ وَقَوْلُ زُهَيْرٍ:
ولأَنْتَ تَفْرِي مَا خَلَقْتَ، وَبَعْضُ ... القَوْمِ يَخْلُقُ ثُم لَا يَفْرِي
مَعْنَاهُ تُنَفِّذُ مَا تَعْزِم عَلَيْهِ وتُقَدِّرُه، وَهُوَ مَثَلٌ. وَيُقَالُ لِلشُّجَاعِ: مَا يَفْرِي فَرِيَّه أَحد، بِالتَّشْدِيدِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هَذِهِ رِوَايَةُ أَبي عُبَيْدٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَفْرِي فَرْيَه، بِالتَّخْفِيفِ، وَمَنْ شَدَّد فَهُوَ غَلَطٌ. التَّهْذِيبُ: وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ حَادًّا فِي الأَمر قوِيّاً تَرَكْتُه يَفْرِي الفَرا «٢». ويَقُدُّ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: تَرَكْتُهُ يَفْرِي الفَرِيَّ إِذا عَمِلَ العَمل أَو السَّقْي فأَجاد. وَقَالَ
النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَرَآهُ فِي مَنَامِهِ يَنْزِعُ عَنْ قَلِيب بغَرْب: فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيّاً يَفْرِي فَرِيَّه
؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ كَقَوْلِكَ يعمَل عمَله وَيَقُولُ قَوْلَهُ ويقطَع قَطْعَهُ؛ قَالَ: وأَنشدنا الفراء لزُرارة بن صَعْب يُخاطب العامِرِيَّةَ:
قَدْ أَطْعَمَتْني دَقَلًا حَوْلِيّا ... مُسَوِّساً مُدَوِّداً حَجْرِيَّا،
قَدْ كنتِ تَفْرِينَ بِهِ الفَرِيَّا
أَي كُنْتِ تُكْثِرِين فِيهِ القَول وتُعَظِّمِينه. يُقَالُ: فُلَانٌ يَفْرِي الفَرِيَّ إِذا كَانَ يأْتي بالعَجَب فِي عَمَلِهِ، وَرُوِيَ يَفْرِي فَرْيَه، بِسُكُونِ الرَّاءِ وَالتَّخْفِيفِ، وَحُكِيَ عَنِ الْخَلِيلِ أَنه أَنكر التَّثْقِيلَ وغلَّط قَائِلَهُ. وأَصل الفَرْي: القَطْع، وتقول العرب: تركته
(١). قوله شلت يدا إلخ بين الصاغاني خلل هذا الإنشاد في مادة صغر فقال وبعد الشطر الأول:
وعميت عين التي أرتها ... أساءت الخرز وأنجلتها
أعارت الأشفى وقدرتها ... مسك شبوب ...
إلخ وأبدل الساقي بالنازع.
(٢). قوله تركته يفري الفرا كذا ضبط في الأصل والتكملة وعزاه فيها للفراء، وعليه ففيها لغتان