هي مِشْية فِيهَا تَبَخْتُر ومَدُّ الْيَدَيْنِ. وَيُقَالُ: مَطَوْتُ ومَطَطْتُ بِمَعْنَى مدَدْت؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهِيَ مِنَ الْمُصَغَّرَاتِ الَّتِي لَمْ يُسْتَعْمَلْ لَهَا مُكَبَّرٌ، وَاللَّهُ أَعلم. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ثُمَّ ذَهَبَ إِلى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى
؛ أَي يَتَبَخْتَرُ، يَكُونُ مِنَ المَطِّ والمَطْوِ، وَهُمَا الْمَدُّ، وَيُقَالُ: مَطَوْتُ بِالْقَوْمِ مَطْواً إِذا مدَدْت بِهِمْ فِي السَّيْرِ. وَفِي حَدِيثِ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه مَرَّ عَلَى بلال وقد مُطِيَ فِي الشَّمْسِ يُعذَّبُ فَاشْتَرَاهُ وأَعْتَقه
؛ مَعْنَى مُطِيَ أَي مُدَّ وبُطحَ فِي الشَّمْسِ. وكلُّ شيءٍ مَدَدْتَه فَقَدْ مَطَوْتَه؛ وَمِنْهُ المَطْوُ فِي السَّيْر. ومَطا الرجلُ يَمْطو إِذا سارَ سَيْرًا حسَناً؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
بِهِ تَمَطَّت غَوْلَ كلِّ مِيلَهِ، ... بِنَا حَراجِيجُ المَطِيِّ النُّفَّهِ
تَمَطَّتْ بِنَا أَي سارَتْ بِنَا سَيْراً طَويلًا مَمْدُودًا؛ وَيُرْوَى:
بِنَا حراجِيجُ المَهاري النُّفَّهِ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
تَمَطَّتْ بِهِ أُمُّه فِي النِّفاس، ... فليسَ بِيَتْنٍ وَلَا تَوْأَمِ
فسَّره فَقَالَ: يُرِيدُ أَنها زَادَتْ عَلَى تِسْعَةِ أَشهر حَتَّى نَضَّجَتْهُ وجرَّتْ حَمْلَه؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
تَمَطَّتْ بِهِ بَيْضاءُ فَرْعٌ نَجِيبةٌ ... هِجانٌ، وبَعْضُ الوالِداتِ غَرامُ
وتَمَتَّى: كَتَمَطَّى عَلَى الْبَدَلِ، وَقِيلَ لأَعرابي: مَا هَذَا الأَثر بِوَجْهِكَ؟ فَقَالَ: مِنْ شِدَّة التَّمَتِّي فِي السُّجُودِ. وتمَطَّى النهارُ: امتدَّ وَطَالَ، وَقِيلَ: كلُّ مَا امْتَدَّ وَطَالَ فَقَدْ تمَطَّى. وتمَطَّى بِهِمُ السَفرُ: امْتَدَّ وطالَ، وتمَطَّى بِكَ العهْدُ كَذَلِكَ، وَالِاسْمُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ المُطَوَاءُ. والمَطاةُ والمَطا أَيضاً: التَّمَطِّي؛ عَنِ الزَّجَّاجِيِّ، حَكَاهُ فِي الجُمل قَرَنَهُ بالمَطا الَّذِي هُوَ الظَّهْر. والمَطِيَّةُ مِنَ الدَّوابِّ الَّتِي تَمُطُّ فِي سَيْرِهَا، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ المَطْوِ أَي المَدّ. قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المَطِيَّة مِنَ الدَّوابِّ الَّتِي تَمْطُو فِي سَيْرِهَا، وَجَمْعُهَا مَطَايَا ومَطِيٌّ؛ وَمِنْ أَبيات الْكِتَابِ:
مَتَّى أَنامُ لَا يُؤَرِّقْني الكَرِي ... ليْلًا، وَلَا أَسْمَعُ أَجْراسَ المَطِي
قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَراد لَا يُؤَرِّقْني الكَرِيُّ فاحتاجَ فأَشمَّ الساكنَ الضَّمَّةَ، وإِنما قَالَ سِيبَوَيْهِ ذَلِكَ لأَن بَعْدَهُ وَلَا أَسمعُ، وَهُوَ فِعْلٌ مَرْفُوعٌ، فحُكْمُ الأَول الَّذِي عُطف عَلَيْهِ هَذَا الْفِعْلُ أَن يَكُونَ مَرْفُوعًا، لَكِنْ لِمَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَن يُخلص الْحَرَكَةَ فِي يؤرِّقْني أَشمها وَحَمَلَ أَسمعُ عَلَيْهِ لأَنه وإِن كَانَتِ الْحَرَكَةُ مُشَمَّةً فإِنها فِي نِيَّةِ الإِشباع، وإِنما قُلْنَا فِي الإِشمام هُنَا إِنه ضَرُورَةٌ لأَنه لَوْ قَالَ لَا يُؤَرِّقُنِي فأَشبع لَخَرَجَ مِنَ الرَّجَزِ إِلى الْكَامِلِ، وَمُحَالٌ أَن يَجْمَعَ بَيْنَ عَرُوضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ؛ وأَنشد الأَخفش:
أَلم تَكُنْ حَلَفْتَ باللهِ العَلي، ... أَنَّ مَطاياكَ لَمِنْ خَيْرِ المَطي؟
جَعَلَ الَّتِي فِي مَوْضِعِ ياءٍ فَعِيلٍ الْقَافِيَةَ وأَلقى الْمُتَحَرِّكَةَ لَمَّا احْتَاجَ إِلى إِلقائها، وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: إِنما أَلقى الزَّائِدَ وَذَلِكَ لَيْسَ بِحَسَنٍ لأَنه مستخفٌّ للأَوَّل، وإِنما يَرْتَدِع عِنْدَ الثَّانِيَةِ، فَلَمَّا جاءَ لَفْظٌ لَا يَكُونُ مَعَ الأَول تَرْكَهُ كَمَا يَقِفُ عَلَى الثَّقِيلِ بِالْخِفَّةِ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: ذَهَبَ الأَخفش فِي الْعَلِيِّ وَالْمَطِيِّ إِلى حَذْفِ الْحَرْفِ الأَخير الَّذِي هُوَ لَامٌ وَتَبْقِيَةُ يَاءِ فَعِيلٍ، وإِن كَانَتْ