نَساً إِذَا اشْتَكَى نَساه، فَهُوَ نَسٍ عَلَى فَعِل إِذَا اشْتَكَى نَساه، وَفِي الْمُحْكَمِ: فَهُوَ أَنْسى، والأُنثي نَسْآء، وَفِي التَّهْذِيبِ نَسْيَاء، إِذَا اشْتَكَيا عِرْق النَّسا، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ عِرْقُ النَّسا، وَقَالَ الأَصمعي: لَا يُقال عِرق النَّسا، وَالْعَرَبُ لَا تَقُولُ عِرْق النَّسَا كَمَا لَا يَقُولُونَ عِرْقُ الأَكْحَل، وَلَا عِرْق الأَبْجَل، إِنَّمَا هُوَ النَّسا والأَكْحَلُ والأَبْجَل، وأَنشد بَيْتَيْنِ لِامْرِئِ الْقَيْسِ، وَحَكَى الْكِسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: هُوَ عِرْقُ النَّسَا، وَحَكَى أَبو الْعَبَّاسِ فِي الْفَصِيحِ: أَبو عُبَيْدٍ يُقَالُ لِلَّذِي يَشْتَكِي نَساه نَسٍ، وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هُوَ النَّسا لِهَذَا الْعِرْقِ؛ قَالَ لَبِيدٌ:
مِنْ نَسا النَّاشِط، إذْ ثَوَّرْتَه، ... أَو رَئِيس الأَخْدَرِيّاتِ الأُوَلْ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ؛ قَالُوا: حرَّم إِسْرَائِيلُ لُحُومَ الإِبل لأَنه كَانَ بِهِ عِرْق النَّسا، فَإِذَا ثَبَتَ أَنه مَسْمُوعٌ فَلَا وَجْهَ لإِنكار قَوْلِهِمْ عِرْق النَّسَا، قَالَ: وَيَكُونُ مِنْ بَابِ إِضَافَةِ الْمُسَمَّى إِلَى اسْمِهِ كحَبْل الوَرِيد ونَحوِه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُمَيْتُ:
إلَيْكم، ذَوي آلِ النَّبيِّ، تَطَلَّعَتْ ... نَوازعُ، مِنْ قَلْبي، ظِماءٌ وأَلْبُبُ
أَي إِلَيْكُمْ يَا أَصحاب هَذَا الِاسْمِ، قَالَ: وَقَدْ يُضَافُ الشَّيْءُ إِلَى نَفْسِهِ إذا اختلَف اللَّفْظَانِ كحَبْل الوَريد وحَبِّ الحَصيد وثابِتِ قُطْنةَ وسعيدِ كُرْزٍ، وَمِثْلُهُ: فقلتُ انْجُوَا عَنْهَا نَجَا الجِلْدِ؛ والنَّجا: هُوَ الْجِلْدُ الْمَسْلُوخُ؛ وَقَوْلُ الْآخَرِ:
تُفاوِضُ مَنْ أَطوي طَوَى الكَشْحِ دُونَهُ
وَقَالَ فَرْوة بْنُ مُسَيْك:
لَمَّا رَأَيْتُ مُلُوكَ كِنْدةَ أَعْرَضَتْ ... كالرِّجْلِ، خانَ الرِجْلَ عِرْقُ نَسائها
قَالَ: وَمِمَّا يُقَوِّي قولَهم عِرْق النَّساء قَوْلُ هِمْيانَ:
كأَنَّما يَيْجَع عِرْقا أَبْيَضِه
والأَبْيَضُ: هُوَ العِرْقُ. والنِّسْيَان، بِكَسْرِ النُّونِ: ضِدُّ الذِّكر والحِفظ، نَسِيَه نِسْياً ونِسْياناً ونِسْوةً ونِسَاوَةً ونَسَاوَة؛ الأَخيرتان عَلَى الْمُعَاقَبَةِ. وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ عَنِ ابْنِ خَالَوَيْهِ فِي كِتَابِ اللُّغَاتِ قَالَ: نَسِيت الشيءَ نِسْيَاناً ونَسْياً ونِسْياً ونِسَاوَةً ونِسْوَةً؛ وأَنشد:
فلَسْت بصَرَّامٍ وَلَا ذِي مَلالةٍ، ... وَلَا نِسْوَةٍ للعَهْدِ، يَا أُمَّ جَعْفَرِ
وتَنَاسَاه وأَنْسَاه إِياه. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ
؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: لَا يَنْسَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ تَرَكُوا اللَّهَ فَتَرَكَهُمْ، فَلَمَّا كَانَ النِّسْيان ضَرْبًا مِنَ التَّرْكِ وضعَه مَوْضِعَهُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: أَي تَرَكُوا أَمرَ اللَّهِ فَتَرَكَهُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى
؛ أَي ترَكْتَها فَكَذَلِكَ تُتْرَكُ فِي النَّارِ. وَرَجُلٌ نَسْيانُ، بِفَتْحِ النُّونِ: كَثِيرُ النِّسْيانِ لِلشَّيْءِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ
؛ مَعْنَاهُ أَيضاً تَرَكَ لأَن النَّاسِي لَا يُؤاخَذُ بِنِسْيانِه، والأَول أَقيس «١». والنِّسْيَانُ: التَّرْكُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها
؛ أَي نأْمُركم بِتَرْكِهَا. يُقَالُ: أَنْسَيْته أَي أَمَرْت بِتَرْكِهِ. ونَسِيتُه: تَرَكْتُه. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: عَامَّةُ الْقُرَّاءِ يَجْعَلُونَ قَوْلَهُ أَو نَنْساها مِنَ النِّسيان، والنِّسْيانُ هَاهُنَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحدهما عَلَى
(١). قوله والأَول أقيس كذا بالأَصل هنا، ولا أول ولا ثان، وهو في عبارة المحكم بعد قوله الذي سيأتي بعد قليل، وَالنِّسْيُ وَالنَّسْيُ الْأَخِيرَةُ عَنْ كراع، فالأول الذي هو النسي بالكسر.