قَالَ الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
كأَنّ وغَى الخَمُوش، بِجَانِبَيْهِ، ... وغَى رَكْبٍ أُمَيْمَ ذَوِي هِياطِ
وَهَذَا الْبَيْتُ أَورده الْجَوْهَرِيُّ «٢»:
كأَن وَغَى الخَموش، بِجَانِبَيْهِ، ... مَآتِمُ يَلْتَدِمْنَ عَلَى قَتِيلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ عَلَى غَيْرِ هَذَا الإِنشاد؛ وأَنشده كَمَا أَوردناه:
وَغَى رَكْبٍ أُمَيمَ ذَوي هياط
قَالَ وَقَبْلَهُ:
وَمَاءٍ قَدْ وَرَدْتُ أُمَيْمَ طامٍ، ... عَلَى أَرْجائِه، زَجَلُ الغَطاط
وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَرْبِ وَغًى لِمَا فِيهَا مِنَ الصَّوْتِ وَالْجَلَبَةِ. ابْنُ الأَعرابي: الوَغَى الخَموش الكَثير الطَّنينِ يَعْنِي البَقَّ، والأَواغِي: مَفاجِر «٣» الْمَاءِ فِي الدِّبار والمَزارع، وَاحِدَتُهَا آغِيَةٌ، يخفف ويثقل هنا، وذكرها صَاحِبُ الْعَيْنِ وَلَا أَدْرِي مِنْ أَين جَعَلَ لَامَهَا واواً والياء أَولى بها لأَنه لَا اشْتِقَاقَ لَهَا وَلَفْظُهَا الْيَاءُ، وَهُوَ مِنْ كَلَامِ أَهل السَّوَادِ لأَن الْهَمْزَةَ وَالْغَيْنَ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي بِنَاءِ كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ. ابْنُ سِيدَهْ فِي تَرْجَمَةِ وَعَيَ: الْوَعَى الصَّوْتُ وَالْجَلَبَةُ، قَالَ يَعْقُوبُ: عَيْنُهُ بَدَلٌ مِنْ غَيْنِ وَغَى أَو غين وغى بدل منه، والله أَعلم.
وفى: الوفاءُ: ضِدُّ الغَدْر، يُقَالُ: وَفَى بِعَهْدِهِ وأَوْفَى بِمَعْنًى؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَمَعَهُمَا طُفَيْل الغَنَوِيُّ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ فِي قَوْلِهِ:
أَمَّا ابْنُ طَوْقٍ فَقَدْ أَوْفَى بِذِمَّتِه ... كَمَا وَفَى بِقلاصِ النَّجْمِ حادِيها
وَفَى يَفِي وَفاءً فَهُوَ وافٍ. ابْنُ سِيدَهْ: وفَى بِالْعَهْدِ وَفاءً؛ فأَما قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
إِذْ قَدَّمُوا مِائةً واسْتَأْخَرَتْ مِائةً ... وَفْياً، وزادُوا عَلَى كِلْتَيْهِما عَدَدا
فَقَدْ يَكُونُ مَصْدَرُ وَفَى مَسْمُوعًا وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ قِيَاسًا غَيْرَ مَسْمُوعٍ، فَإِنَّ أَبا عَلِيٍّ قَدْ حَكَى أَن لِلشَّاعِرِ أَن يأْتي لِكُلِّ فَعَلَ بِفَعْلٍ وَإِنْ لَمْ يُسمع، وَكَذَلِكَ أَوْفَى. الْكِسَائِيُّ وأَبو عُبَيْدَةَ: وَفَيْتُ بِالْعَهْدِ وأَوْفَيْتُ بِهِ سَوَاءٌ، قَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ وَفَى وأَوْفَى، فَمَنْ قَالَ وفَى فَإِنَّهُ يَقُولُ تَمَّ كَقَوْلِكَ وفَى لَنَا فلانٌ أَي تَمَّ لَنَا قَوْلُه وَلَمْ يَغْدِر. ووَفَى هَذَا الطعامُ قَفِيزًا؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ:
وفَى كَيْلَ لَا نِيبٍ وَلَا بَكَرات
أَي تَمَّ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ أَوْفَى فَمَعْنَاهُ أَوْفاني حقَّه أَي أَتَمَّه وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْئًا، وَكَذَلِكَ أَوْفَى الكيلَ أَي أَتمه وَلَمْ يَنْقُصْ مِنْهُ شَيْئًا. قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِيمَا رَدَّ عَلَى شَمِرٍ: الَّذِي قَالَ شَمِرٌ فِي وَفَى وأَوْفَى بَاطِلٌ لَا مَعْنَى لَهُ، إِنَّمَا يُقَالُ أَوْفَيْتُ بِالْعَهْدِ ووَفَيْتُ بِالْعَهْدِ. وكلُّ شَيْءٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ هَذَا فَهُوَ بالأَلف، قَالَ اللَّهُ تعالى: أَوْفُوا بِالْعُقُودِ
، وَأَوْفُوا بِعَهْدِي
؛ يقال: وفَى الكيلُ ووَفَى الشيءُ أَي تَمَّ، وأَوْفَيْتُه أَنا أَتمَمْته، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَأَوْفُوا الْكَيْلَ*
؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
فمررت بقوم تُقْرَضُ شِفاهُهم كُلَّما قُرِضَتْ وفَتْ
أَي تَمَّتْ وطالَتْ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:
أَلَسْتَ تُنْتِجُها وَافِيَةً أَعينُها وآذانُها.
وَفِي حَدِيثِ
النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنه قَالَ: إِنَّكُمْ وَفَيْتُم سبعين أُمَّةً أَنتم
(٢). قوله أورده الجوهري وكذا الأزهري أيضاً في خ م ش، واعترض الصاغاني على الجوهري كما اعترضه ابن بري.
(٣). قوله والأواغي مفاجر إلخ عبارة المحكم: الأَواغي مَفَاجِرُ الْمَاءِ فِي الدِّبَارِ. وعبارة التهذيب: الأواغي مفاجر الدبار في المزارع، وهي عبارة الجوهري.