أَراد: فإِذا ذلكَ يَعْنِي شَبابَه وَمَا مَضَى مِن أَيّام تَمَتُّعه؛ وَمِنْهَا وَاوُ النِّسبة، رُوِيَ عَنْ أَبي عَمرو بْنِ العَلاء أَنه كَانَ يَقُولُ: يُنْسَبُ إِلى أَخٍ أَخَويٌّ، بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْخَاءِ وَكَسْرِ الْوَاوِ، وإِلى الرِّبا رِبَوِيٌّ، وإِلى أُخْتٍ أُخَويٌّ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ، وإِلى ابْن بَنَوِيٌّ، وإِلى عالِيةِ الحِجاز عُلْوِيٌّ، وإِلى عَشِيَّة عَشَوِيٌّ، وإِلى أَبٍ أَبَوِيٌّ؛ وَمِنْهَا الواوُ الدَّائمةُ، وَهِيَ كُلُّ واوٍ تُلابِسُ الجَزاء وَمَعْنَاهَا الدَّوامُ، كَقَوْلِكَ: زُرْني وأَزُورَكَ وأَزُورُكَ، بِالنَّصْبِ وَالرَّفْعِ، فالنَّصْبُ عَلَى المُجازاةِ، ومَن رَفَعَ فَمَعْنَاهُ زيارَتَكَ عليَّ واجبةٌ أُدِيمُها لَكَ عَلَى كلِّ حالٍ؛ وَمِنْهَا الْوَاوُ الفارِقةُ، وَهِيَ كلُّ واوٍ دَخَلت فِي أَحَدِ الحَرْفين المُشْتَبِهين ليُفْرَقَ بينَه وَبَيْنَ المُشْبهِ لَهُ فِي الخَطِّ مِثْلُ واوِ أُولئِك وَوَاوِ أُولو. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وغَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ؛ زِيدَتْ فِيهَا الْوَاوُ فِي الْخَطِّ لتَفْرُق بينَها وبينَ مَا شاكَلَها فِي الصُّورةِ مِثْل إِلى وإِلَيْك؛ وَمِنْهَا وَاوُ عَمْرو، فإِنها زيدَتْ لِتَفْرُقَ بينَ عَمْروٍ وعُمَرَ، وزيدتْ فِي عَمْرٍو دونَ عُمَرَ لأَن عُمَرَ أَثقَلُ مِنْ عَمْرٍو؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
ثمَّ تَنادَوْا، بينَ تِلْكَ الضَّوْضَى ... مِنْهُمْ: بِهابٍ وهَلا ويا يا
نادَى مُنادٍ مِنْهُمُ: أَلا تَا، ... صَوْتَ امْرِئٍ للجُلَّياتِ عَيّا
قالُوا جَمِيعاً كُلُّهُم: بَلا فَا
أَي بَلَى فإِنَّا نَفْعَلُ، أَلا تَا: يُريد تَفْعَلُ، وَاللَّهُ أَعلم. الْجَوْهَرِيُّ: الْوَاوَا صَوْتُ ابْن آوَى. وَوَيْكَ: كلمةٌ مِثل وَيْبَ ووَيْحَ، والكافُ للخِطاب؛ قَالَ زَيْدُ بْنُ عَمرو بْنِ نُفَيْل وَيُقَالُ هُوَ لِنُبَيْهِ بْنِ الْحَجَّاجِ السَّهْمِي:
وَيْكَ أَنَّ مَنْ يَكُنْ له نَشَبٌ يُحْبَبْ، ... ومَنْ يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ
قَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ وَيْكَ، أُدْخِلَ عَلَيْهِ أَنَّ وَمَعْنَاهُ أَلم تَرَ؛ وَقَالَ الْخَلِيلُ: هِيَ وَيْ مَفْصُولة ثُمَّ تَبتدِئُ فَتَقُولُ كأَنَّ، والله أَعلم.
يَا
: حَرْفُ نِداء، وَهِيَ عامِلةٌ فِي الِاسْمِ الصَّحِيح وإِن كَانَتْ حَرْفًا، والقولُ فِي ذَلِكَ أَنَّ لِيا فِي قيامِها مَقامَ الْفِعْلِ خَاصَّةً لَيْسَتْ لِلْحُرُوفِ، وَذَلِكَ أَنَّ الحروفَ قَدْ تَنُوبُ عَنِ الأَفعال كهَلْ فإِنها تَنُوبُ عَنْ أَسْتَفْهِمُ، وَكَمَا وَلَا فإِنهما يَنْوبانِ عَنْ أَنْفِي، وإِلَّا تَنُوبُ عَنْ أَسْتَثْني، وَتِلْكَ الأَفعال النائبةُ عَنْهَا هَذِهِ الحروفُ هِيَ الناصِبة فِي الأَصل، فَلَمَّا انصَرَفَتْ عَنْهَا إِلى الحَرْف طَلَباً للإِيجاز ورَغْبةً عَنِ الإِكثار أَسْقَطْتَ عَمَلَ تِلْكَ الأَفعال ليَتِمَّ لَكَ مَا انْتَحَيْتَه مِنَ الِاخْتِصَارِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ يَا، وَذَلِكَ أَنَّ يَا نفسَها هِيَ العامِلُ الواقِعُ عَلَى زَيْدٍ، وحالُها فِي ذَلِكَ حَالُ أَدْعُو وأُنادي، فَيَكُونُ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هُوَ العامِل فِي الْمَفْعُولِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ ضَرَبْتُ وقَتَلْتُ وَنَحْوَهُ، وَذَلِكَ أَنَّ قَولَكَ ضَرَبْتُ زَيْدًا وقتَلْتُ بِشْراً العامِلُ الواصِلُ إِليهما المُعَبَّرُ بِقَوْلِكَ ضَرَبْتُ عَنْهُ لَيْسَ هُوَ نَفْسَ ضَ رَ بْ تُ، إِنما ثَمَّ أَحْداثٌ هَذِهِ الْحُرُوفِ دِلالةٌ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ القَتْلُ والشَّتْمُ والإِكْرامُ ونحوُ ذَلِكَ، وقولُك أُنادي عبدَ اللهِ وأُكْرِمُ عَبْدَ اللَّهِ لَيْسَ هُنَا فعلٌ واقعٌ عَلَى عبدِ اللَّهِ غَيْرَ هَذَا اللفظِ، وَيَا نفسُها فِي الْمَعْنَى كأَدْعُو، أَلا تَرَى أَنك إِنما تَذْكُرُ بَعْدَ يَا اسْمًا وَاحِدًا، كَمَا تذكُره بَعْدَ الفِعْلِ المُسْتَقِلِّ بفاعِلِه، إِذا كَانَ مُتَعَدِّياً إِلى وَاحِدٍ كَضَرَبْتُ زَيْدًا؟ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حرفُ الِاسْتِفْهَامِ