أَيام الأُسبوع سَبْتاً، لأَن اللَّهَ تَعَالَى ابتدأَ الْخَلْقَ فِيهِ، وَقَطَعَ فِيهِ بعضَ خَلْق الأَرض؛ وَيُقَالُ: أَمر فِيهِ بَنُو إِسرائيل بِقَطْعِ الأَعمال وَتَرْكِهَا؛ وَفِي الْمُحْكَمِ: وإِنما سُمِّيَ سَبْتاً، لِأَن ابْتِدَاءَ الْخَلْقِ كَانَ مِنْ يَوْمِ الأَحد إِلى يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ يَكُنْ فِي السَّبْتِ شَيْءٌ مِنَ الْخَلْقِ، قَالُوا: فأَصبحتْ يومَ السَّبْتِ مُنْسَبِتَةً أَي قَدْ تَمَّتْ، وانْقَطَع العملُ فِيهَا؛ وَقِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَن الْيَهُودَ كَانُوا يَنْقَطِعون فِيهِ عَنِ الْعَمَلِ وَالتَّصَرُّفِ، وَالْجَمْعُ أَسبُتٌ وسُبُوتٌ. وَقَدْ سَبَتُوا يَسْبِتُون ويَسْبُتون، وأَسْبَتُوا: دخَلُوا فِي السَّبْتِ. والإِسْباتُ: الدخولُ فِي السَّبْتِ. والسَّبْتُ: قيامُ الْيَهُودِ بأَمر سُنَّتِها. قَالَ تَعَالَى: وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ
. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِباساً، والنَّوْمَ سُباتاً
؛ قَالَ: قَطْعاً لأَعْمالكم. قَالَ: وأَخطأَ مَنْ قَالَ: سُمِّيَ السَبْتَ، لِأَن اللَّهَ أَمر بَنِي إِسرائيل فِيهِ بِالِاسْتِرَاحَةِ؛ وخَلَق هُوَ، عَزَّ وَجَلَّ، السَّمَاوَاتِ والأَرضَ فِي سِتَّةِ أَيام، آخِرُهَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ اسْتَرَاحَ وَانْقَطَعَ الْعَمَلُ، فَسُمِّيَ السابعُ يَوْمَ السَّبْتِ. قَالَ: وَهَذَا خطأٌ لأَنه لَا يُعلم فِي كَلَامِ الْعَرَبِ سَبَتَ، بِمَعْنَى اسْتَراح، وإِنما مَعْنَى سَبَتَ: قَطَعَ، وَلَا يُوصَفُ اللَّهُ، تَعَالَى وتَقَدَّس، بِالِاسْتِرَاحَةِ، لأَنه لَا يَتْعَبُ، وَالرَّاحَةُ لَا تَكُونُ إِلا بَعْدَ تَعَبٍ وشَغَلٍ، وَكِلَاهُمَا زَائِلٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: وَاتَّفَقَ أَهل الْعِلْمِ عَلَى أَن اللَّهَ تَعَالَى ابتدأَ الْخَلْقَ يَوْمَ السَّبْت، وَلَمْ يَخْلُقْ يومَ الْجُمُعَةِ سَمَاءً وَلَا أَرضاً. قَالَ الأَزهري: وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَ، مَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: خَلَقَ اللَّهُ التُّربةَ يومَ السَّبْت، وَخَلَقَ الْحِجَارَةَ يَوْمَ الأَحد، وَخَلَقَ السَّحَابَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، وخَلَق الكُرومَ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ، وَخَلَقَ الْمَلَائِكَةَ يَوْمَ الأَربعاء، وَخَلَقَ الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ، وَخَلَقَ آدَمَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ وَغُرُوبِ الشَّمْسِ. وَفِي الْحَدِيثِ:
فَمَا رأَينا الشمسَ سَبْتاً
؛ قِيلَ: أَراد أُسبوعاً مِنَ السَّبْت إِلى السَّبْت، فأَطلق عَلَيْهِ اسْمَ الْيَوْمِ، كَمَا يُقَالُ: عِشْرُونَ خَرِيفًا، ويرادُ عِشْرُونَ سَنَةً؛ وَقِيلَ: أَراد بالسَّبْتِ مُدَّةً مِنَ الأَزمان، قَلِيلَةً كَانَتْ أَو كَثِيرَةً. وَحَكَى ثَعْلَبٌ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: لَا تَكُ سَبْتِيًّا أَي مِمَّنْ يَصُومُ السَّبْتَ وَحْدَهُ. وسَبَتَ عِلاوَتَه: ضَرَبَ عُنُقَه. والسَّبْتُ: السَّيْرُ السَّرِيعُ؛ وأَنشد لِحُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ:
ومَطْوِيَّةِ الأَقْرَابِ، أَما نَهارُها ... فسَبْتٌ، وأَما ليلُها فزَمِيلُ
وسَبَتَت الناقةُ تَسْبِتُ سَبْتاً، وَهِيَ سَبُوتٌ. والسَّبْت: سَيْر فَوْقَ العَنَقِ؛ وَقِيلَ: هُوَ ضَرْبٌ مِنَ السَّيْر، وَفِي نُسْخَةٍ: سَيْرُ الإِبل؛ قَالَ رؤْبة:
يَمْشِي بِهَا ذُو المِرَّةِ السَّبُوتُ، ... وهْوَ مِنَ الأَيْنِ حَفٍ نَحِيتُ
والسَّبْتُ أَيضاً: السَّبْقُ فِي العَدْوِ. وَفَرَسٌ سَبْتٌ إِذا كَانَ جَوَادًا، كَثِيرَ العَدْو. والسَّبْت: الحَلْقُ، وَفِي الصِّحَاحِ: حَلْقُ الرأْس. وسَبَتَ رأْسَهُ وشعرَه يسْبُتُه سَبْتاً، وسَلَتَه، وسَبَدَه: حَلَقَه؛ قَالَ: وسَبَدَه إِذا أَعْفَاه، وَهُوَ مِنَ الأَضدادِ. وسَبَتَ الشيءَ سَبْتاً وسَبَّتَه: قَطَعَه، وخَصَّ بِهِ اللِّحْيَانِيُّ الأَعناقَ. وسَبَتَت اللُّقْمةُ حَلْقي وسَبَّتَتْه: قَطَعَتْه، وَالتَّخْفِيفُ أَكثر. والسَّبْتاء مِنَ الأَرض: كالصَّحْراء، وَقِيلَ: أَرض سَبْتاء، لَا شَجَرَ فِيهَا. أَبو زَيْدٍ: السَّبْتاء الصَّحْرَاءُ، وَالْجَمْعُ سَباتي وَسَبَاتَى. وأَرضٌ سَبْتاء: مُستَوِية.