فَأَتَاهُمَا فَأَخْبَرَهُمَا فَأَتَيَاهُ فَقَالَا: مَا أَكَلْنَا مِنْ إِدَامٍ! فَقَالَ: «إِنِّي لَأَرَى حُمْرَةَ اللَّحْمِ فِي أَفْوَاهِكُمْ» فَقَالَا: لَمْ يَكُنْ عِنْدَنَا شَيْءٌ، وَمَا أَكَلْنَا لَحْمًا الْيَوْمَ، فَقَالَ لَهُمَا: «إِنَّكُمَا اغْتَبْتُمَا أَخَاكُمَا» ثُمَّ قَالَ لَهُمَا: «أَتُحِبَّانِ أَنْ تَأْكُلَا لَحْمًا مَيِّتًا» فَقَالَا لَا.
فَقَالَ لَهُمْ: «فَكَمَا كَرِهْتُمَا أَنْ تَأْكُلَا لَحْمًا مَيِّتًا فَلَا تَغْتَابَا فَإِنَّهُ مَنِ اغْتَابَ أَخَاهُ فَقَدْ أَكَلَ لَحْمَهُ» .
فَنَزَلَتْ: {وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} الحجرات: ١٢ .
وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: إِنَّ فُلَانًا قَدِ اغْتَابَكَ.
فَبَعَثَ إِلَيْهِ طَبَقًا مِنَ الرُّطَبِ، وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ أَهْدَيْتَ لِي حَسَنَاتِكَ فَأَرَدْتُ أَنْ أُكَافِئَكَ عَلَيْهَا، فَاعْذُرْنِي فَإِنِّي لَا أَقْدِرُ أَنْ أُكَافِئَكَ بِهَا عَلَى التَّمَامِ.
وَذُكِرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ أَضَافَ أُنَاسًا، فَلَمَّا قَعَدُوا عَلَى الطَّعَامِ جَعَلُوا يَتَنَاوَلُونَ رَجُلًا.
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَنَا كَانُوا يَأْكُلُونَ الْخُبْزَ قَبْلَ اللَّحْمِ، وَأَنْتُمْ بَدَأْتُمْ قَبْلَ الْخُبْزِ وَذُكِرَ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ لَيُعْطَى كِتَابَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَرَى فِيهِ حَسَنَاتٍ لَمْ يَكُنْ عَمِلَهَا، فَيَقُولُ يَا رَبُّ مِنْ أَيْنَ لِي هَذَا؟ فَيَقُولُ هَذَا بِمَا اغْتَابَكَ النَّاسُ وَأَنْتَ لَا تَشْعُرُ وَذُكِرَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ , أَنَّهُ قَالَ: يَا مُكَذِّبُ بَخِلْتَ بِدُنْيَاكَ عَلَى أَصْدِقَائِكَ وَسَخَوْتَ بِآخِرَتِكَ عَلَى أَعْدَائِكَ، فَلَا أَنْتَ فِيمَا بَخِلْتَ بِهِ مَعْذُورٌ، وَلَا أَنْتَ فِيمَا سَخَوْتَ بِهِ مَحْمُودٌ وَذُكِرَ عَنْ بَعْضِ الْحُكَمَاءِ أَنَّهُ قَالَ: الْغِيبَةُ فَاكِهَةُ الْقُرَّاءِ، وَضِيَافَةُ الْفُسَّاقِ، وَمَرَاتِعُ النِّسَاءِ، وَأُدَامُ كِلَابِ النَّاسِ، وَمَزَابِلُ الْأَتْقِيَاءِ.
٢١١ - وَرَوَى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «أَرْبَعٌ يُفْطِرْنَ الصَّائِمَ وَيَنْقُضْنَ الْوُضُوءَ وَيَهْدِمْنَ الْعَمَلَ.
الْغِيبَةُ، وَالْكَذِبُ، وَالنَّمِيمَةُ وَالنَّظَرُ إِلَى مَحَاسِنِ الْمَرْأَةِ الَّتِي لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا، وَهُنَّ يَسْقِينَ أُصُولَ الشَّرِّ كَمَا يَسْقِي الْمَاءُ أُصُولَ الشَّجَرِ.
وَشُرْبُ الْخَمْرِ يَعْلُو الْخَطَايَا»