وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ، وَمَنْ كَثُرَ مَالُهُ كَثُرَ إِثْمُهُ، وَمَنْ سَاءَ خُلُقُهُ عَذَّبَ نَفْسَهُ.
وَرُوِيَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ , أَنَّهُ قَالَ: لَأَنْ أَرْمِيَ رَجُلًا بِسَهْمٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَرْمِيَهُ بِلِسَانِي، لِأَنَّ رَمْيَ اللِّسَانِ لَا يُخْطِئُ وَرَمْيَ السَّهْمِ قَدْ يُخْطِئُ.
٢٧٨ - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَصْبَحَ ابْنُ آدَمَ سَأَلَتِ الْأَعْضَاءُ كُلُّهَا اللِّسَانَ، وَقُلْنَ يَا لِسَانُ.
نُنْشِدُكَ اللَّهَ أَنْ تَسْتَقِيمَ، فَإِنَّهُ إِنِ اسْتَقَمْتَ اسْتَقَمْنَا وَإِنِ اعْوَجَجْتَ اعْوَجَجْنَا.
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قَامَ عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَقَالَ: أَلَا مَنْ عَرَفَنِي فَقَدْ عَرَفَنِي، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْنِي فَأَنَا جُنْدُبُ بْنُ جِنَادَةَ الْغِفَارِيُّ أَبُو ذَرٍّ، هَلُمُّوا إِلَى أَخٍ نَاصِحٍ شَفِيقٍ عَلَيْكُمْ.
فَاجْتَمَعَ النَّاسُ حَوْلَهُ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ سَفَرًا مِنْ أَسْفَارِ الدُّنْيَا لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إِلَّا بِزَادٍ، فَكَيْفَ مَنْ يُرِيدُ سَفَرَ الْآخِرَةِ بِلَا زَادٍ.
قَالُوا: وَمَا زَادُنَا يَا أَبَا ذَرٍّ؟ قَالَ: صَلَاةُ رَكْعَتَيْنِ فِي سَوَادِ اللَّيْلِ لِوَحْشَةِ الْقُبُورِ، وَصَوْمُ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ لِيَوْمِ النُّشُورِ، وَصَدَقَةٌ عَلَى الْمَسَاكِينِ لَعَلَّكُمْ تَنْجُونَ مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ عَسِيرٍ، وَحَجٌّ لِعَظَائِمِ الْأُمُورِ.
وَاجْعَلُوا الدُّنْيَا مَجْلِسَيْنِ: مَجْلِسًا فِي طَلَبِ الدُّنْيَا وَمَجْلِسًا فِي طَلَبِ الْآخِرَةِ.
وَالثَّالِثُ يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ.
وَاجْعَلُوا الْكَلَامَ كَلِمَتَيْنِ: كَلَمَةً نَافِعَةً فِي أَمْرِ دُنْيَاكُمْ، وَكَلِمَةً بَاقِيَةً فِي أَمْرِ آخِرَتِكُمْ.
وَالثَّالِثُ يَضُرُّ وَلَا يَنْفَعُ.
ثُمَّ قَالَ: أَوْهِ.
قَتَلَنِي هَمُّ يَوْمٍ لَا أُدْرِكُهُ.
قِيلَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: إِنَّ أَمَلِي قَدْ جَاوَزَ أَجَلِي