وَعَدُونِي، فَأَعْطَوْنِي هَذَا الطَّعَامَ.
فَاسْتَرْجَعَ أَبُو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ عِنْدَ ذَلِكَ ثُمَّ أَخَذَ يَتَقَيَّأُ، فَكَابَدَ وَجَاهَدَ نَفْسَهُ أَنْ يَنْزِعَ اللُّقْمَةَ مِنْ بَطْنِهِ، فَلَمْ يَقْدِرْ حَتَّى اخْضَرَّ وَاسْوَدَّ مِنَ الْجَهْدِ، فَلَمْ يَقْدِرْ، فَلَمَّا رَأَوْا مَا يَلْقَى مِنَ الْمُعَالَجَةِ قَالُوا: لَوْ شَرِبْتَ عَلَيْهِ قَدَحًا مِنْ مَاءٍ، فَأُتِيَ بِعُسٍّ مِنْ مَاءٍ فَشَرِبَ ثُمَّ تَقَيَّأَ، فَمَا زَالَ يُعَالِجُ نَفْسَهُ حَتَّى نَبَذَهَا.
فَقَالُوا: هَذَا مِنْ أَجْلِ هَذِهِ اللُّقْمَةِ؟ قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْجَنَّةَ عَلَى كُلِّ جَسَدٍ تَغَذَّى أَوْ غُذِّيَ بِحَرَامٍ» .
قَالَ الْفَقِيهُ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ كَسْبُهُ طَيِّبًا، فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَ خَمْسَةَ أَشْيَاءَ.
أَوَّلُهَا: أَنْ لَا يُؤَخِّرَ شَيْئًا مِنْ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَجْلِ الْكَسْبِ، وَلَا يُدْخِلُ النَّقْصَ فِيهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ لَا يُؤْذِي أَحَدًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لِأَكْلِ الْكَسْبِ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقْصِدَ بِكَسْبِهِ اسْتِعْفَافًا لِنَفْسِهِ، وَعِيَالِهِ، وَلَا يَقْصِدَ بِهِ الْجَمْعَ وَالْكَثْرَةَ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ لَا يُجْهِدَ نَفْسَهُ فِي الْكَسْبِ جِدًّا.
وَالْخَامِسُ: أَنْ لَا يَرَى رِزْقَهُ مِنَ الْكَسْبِ، وَيَرَى الرِّزْقَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَالْكَسْبَ سَبَبًا.
٧١١ - وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «مَنِ اكْتَسَبَ مَالًا مِنْ مَأْثَمٍ فَتَصَدَّقَ بِهِ، أَوْ وَصَلَ بِهِ رَحِمًا، أَوْ أَنْفَقَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ جُمِعَ ذَلِكَ كُلَّهُ وَأُلْقِيَ فِي النَّارِ» .
وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ الْحُصَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: لَا يَقْبَلُ اللَّهُ حَجَّ رَجُلٍ، وَلَا عُمْرَتَهُ، وَلَا جِهَادَهُ، وَلَا صَدَقَتَهُ، وَلَا إِعَاقَتَهُ، وَلَا نَفَقَتَهُ مِنْ رِبَا، أَوْ رِشْوَةٍ، أَوْ خِيَانَةٍ، أَوْ غُلُولٍ، أَوْ سِرْقَةٍ، ثُمَّ قَالَ الْخَمْسُ بِالْخَمْسِ
٧١٢ - وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَكْسِبُ عَبْدٌ مَالًا حَرَامًا، فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، فَيُؤْجَرُ عَلَيْهِ، وَلَا يُنْفِقُ مِنْهُ، فَيُبَارَكُ لَهُ فِيهِ، وَلَا يَتْرُكُهُ