والسَّعَة فَأَقِمْ فَلَكَ عندنَا ذَلِك. وسُئل الخليلُ عَن نصْب مَرْحَباً: فَقَالَ فِيهِ كَمِينُ الْفِعْل، أَرَادَ بِهِ انْزِل أَوْ أَقِمْ فَنَصَب بِفِعْلٍ مُضْمَر، فَلَمَّا عُرِف مَعْنَاهُ المُرادُ بِه أُمِيتَ الفعلُ. قلت وَقَالَ غيرُه فِي قَوْلِهمْ: مَرْحَباً، أَتَيْت رُحْباً وسَعَةً لَا ضِيقاً. وَكَذَلِكَ قَالَ سَهْلاً، أَرَادَ نَزَلْتَ بَلداً سَهْلاً لَا حَزْناً غليظاً.
وَقَالَ شمر: سَمِعت ابْن الْأَعرَابِي يَقُول: مَرْحَبَكَ الله ومَسْهَلَكَ، ومرحباً بك الله ومسْهلاً بكَ الله. وَتقول العَرَبُ: لامرحباً بك أَي لَا رَحُبَتْ عَلَيْك بِلادُك. قَالَ وَهِي من المَصادِرِ الَّتِي تَقَعُ فِي الدُّعَاءِ للرجُلِ وَعَلِيهِ، نَحْو سَقْياً ورَحْباً وجَدْعاً وعَقْراً؛ يُرِيدُونَ سَقاك الله ورعاك.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن أبي الْعَبَّاس عَن سَلمَة قَالَ سمعتُ الفرّاء يَقُول يُقَال رحُبتْ بلادُك رَحْباً ورَحَابةً ورحِبَتْ رَحَباً ورُحْباً. وَيُقَال أرْحَبَتْ، لُغَةٌ بذلك الْمَعْنى.
وَقَالَ اللَّيْث: الرُّحْبَى على بِنَاء فُعْلى أعْرَضُ ضِلَع فِي الصَّدْر، قَالَ: والرُّحْبَى: سِمَةٌ تَسِمُ بهَا العربُ على جَنْب الْبَعِير.
وَقَالَ أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: الرُّحْبَيَانِ مَرْجِعَا المِرْفَقَين، قَالَ والنَّاحِزُ إِنَّمَا يكون فِي الرُّحْبَيَيْن. وَقَالَ غَيره: الرُّحْبى: مَنْبِضُ القلبِ من الدوابّ وَالْإِنْسَان.
وَرَحْبَةُ مالكِ ابْنِ طوقٍ: مدينةٌ أَحْدَثها مالكٌ على شاطيء الْفُرَات. وَرُحَابَةُ: مَوضِع مَعْرُوف.
شمر عَن ابْن شُمَيْل قَالَ: الرّحَابُ فِي الأودية الواحدةُ رَحْبَةٌ، وَهِي مواضعُ متواطئة يسْتَنقِع الماءُ فِيهَا، وَهِي أَسْرَعُ الأرْضِ نباتاً تكون عِنْد مُنْتَهى الوَادِي وَفِي وَسَطِه، وَقد تكون فِي الْمَكَان المُشْرِف ويَسْتَنْقِعُ فِيهَا الماءُ، وَمَا حولهَا مُشْرِفٌ عَلَيْهَا، وَإِذا كَانَت فِي الأرضِ المستوية نَزَلها النَّاسُ، وَإِذا كَانَت فِي بطن المسيلِ لم يَنزِلْها النَّاس، وَإِذا كَانَت فِي بطن الْوَادي فَهِيَ أُقْنَةٌ تُمْسِكُ المَاء لَيست بالقعيرة جدا وسعتها قَدْرُ غَلْوة، وَالنَّاس ينزِلون نَاحيَة مِنْهَا، وَلَا تكونُ الرحَابُ فِي الرَّمل وتكونُ فِي بطونِ الأَرْض وَفِي ظواهرِها.
وَقَالَ الفرَّاء: يُقَال للصحراء بَين أفْنيَةِ الْقَوْم وَالْمَسْجِد رَحْبَةٌ. ورَحَبَةٌ اسمٌ وَرَحْبَةٌ نعت. يُقَال بِلَاد رَحْبَةٌ، وَلَا يُقَال رَحَبة. قلت ذهب الفرَّاء إِلَى أَنه يُقَال بلد رَحْبٌ وبلاد رَحْبَةٌ، كَمَا يُقَال بلد سَهْلٌ وبلاد سَهْلَةٌ.
برح: قَالَ اللَّيْث بَرِحَ الرجلُ يَبْرَحُ بَرَاحاً: إِذا رَام مِنْ مَوْضِعه وَيُقَال مَا بَرِحْتُ أَفْعَلُ كَذَا، بِمَعْنى مَا زِلْتُ. وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ {لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ} (طاه: ٩١) أَي لن نزال.
وَقَول الْعَرَب: بَرِحَ الْخَفَاءُ، قَالَ بعضُهم مَعْنَاه زَالَ الخفاءُ، وَقيل مَعْنَى بَرِحَ الخفاءُ أَي ظهر مَا كَانَ خافياً وانكشف، مأخوذٌ من بَرَاح الأَرْض وَهُوَ الظَّاهِر البارز. وَقَالَ اللَّيْثُ: البَرَاحُ: البَيَان، يُقَال جَاءَ بالْكفْر بَرَاحاً وَيجوز أَن يكون قَوْلهم بَرِح الخَفَاءُ أَي ظهر مَا كنتُ أُخْفِي.