النُّطْفَة تكون فِي الرَّحِم أَرْبَعِينَ يَوْمًا نُطْفَة ثمَّ علقَة كَذَلِك ثمَّ مُضْغَة كَذَلِك ثمَّ يبعثُ الله المَلَكَ فيقولُ لَهُ اكْتُبْ رزقه وعَمَله وأَجَلَه وشقيٌّ أَو سعيدٌ فَيُخْتَمُ لَهُ على ذَلِك فَمَا من أحد إِلَّا وَقد كُتِبَ لَهُ الموتُ عِنْد انْقِضَاء الأجلِ المُؤَجَّل لَهُ) .
والمُحْتَبَلُ من الدَّبة رُسْغُها لِأَنَّهُ مَوضِع الحَبْلِ الَّذِي يَشدُّ فِيهِ إِذا رُبط وَمِنْه قَول لبيد:
وَلَقَد أَغْدُو وَمَا يَعْدِمُني
صاحبٌ غيرُ طَوِيل المُحْتَبَلْ
أَي لَيْسَ بطويل الأرْساغ، وَإِذا قصرت أرساغُه كَانَ أشدُّ لَهُ. وَمن أَمْثَال الْعَرَب فِي الشدَّةِ تصيبُ الناسَ: قد ثَارَ حابِلُهم على نَابِلِهمْ. والحابِلُ الَّذِي ينصب الحِبَالَةَ والنابلُ الرَّامي عَن قوسه بالنّبل، وَيكون النابلُ صاحبَ النبل. وَقد يُضْرَب هَذَا مثلا للْقَوْم تنْقَلب أحْوَالُهُم ويَثُورُ بعضُهم على بعض بعد السّكُون والرخاء.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ من أمثالهم: إِنَّه لَوَاسِعُ الحَبْلِ وإنَّهُ لَضيقُ الحَبْلِ، كَقَوْلِك هُوَ ضَيقُ الخُلُق وواسع الخُلُق. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس فِي مثله: إِنَّه لواسع العَطَن وضيق العَطَن.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي رجل حَبْلَانُ إِذا امْتَلأ غيظاً وَمِنْه حَبَلُ المَرْأَةِ وَهُوَ امتلاءُ رَحِمِها. وَقَالَ غيرُه رجل حَبْلَانُ من الماءِ والشَّرَابِ إِذا امْتَلَأَ رِيّاً. وَفِي حديثٍ جَاءَ فِيهِ ذكْرُ الدَّجَّال لعنَهُ الله أَنه مُحَبَّل الشعْرِ كَأَن كل قَرْنٍ من قُرون رأسِه حَبْلٌ لأنَّه جعله تَقَاصيب لِجعُودة شَعْرِه وطولِه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يقالُ لِلْمَوْتِ حَبِيلُ بَرَاحِ، قَالَ والأُحْبُلُ والْحُنْبُلُ اللُوبياء. قَالَ والحبْلُ: الثّقل، والْحُبَالُ الشَّعْرُ الْكثير، والحُبال انتفاخُ البَطْنِ من الشَّرَاب والنبيذ أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي أَتَيْته على حبالّة ذَاك، أَي على حِين ذَاك بتَشْديد اللَّام. ابْن الْأَعرَابِي عَن الْمفضل: الحَبَلُ: انتفاخ الْبَطن من كل الشَّرَاب والنبيذ وَالْمَاء وغيرِه، وَرجل حَبْلَانُ وَامْرَأَة حَبْلَانَةٌ، وَبِه سمي حَمْلُ الْمَرْأَة حَبَلاً، وَفُلَان حَبْلَانُ على فلَان أَي غضْبَانُ، وَبِه حَبَلٌ أَي غَضَبٌ وغَمٌّ، وَأَصله من حَبَلِ الْمَرْأَة وحُبَلُ مَوضِع فِي شعر لبيد:
فبخترير فأطرافِ حُبَلْ
حلب: قَالَ اللَّيْث الحَلَبُ اللَّبَنُ الحليب، تَقول شربت لَبَنًا حَلِيباً وحَلَباً، والحِلَابُ هُوَ المِحْلَبُ الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ اللَّبن وَأنْشد:
صَاحِ هَل رأيتَ أَو سَمِعْتَ بِرَاعٍ
رَدَّ فِي الضَّرْعِ مَا قَرَى فِي الحِلَابِ
قَالَ: والإحْلَابُ أَن يَكُونَ الرُّعْيانُ إبلهُم فِي المرعى فَمَهْمَا حَلَبُوا جمَعُوا حَتَّى بلغ وَسْقاً حملوه إِلَى الحَي فَيُقَال قد جَاءُوا بإحْلَابَيْنِ وثلاثَةِ أَحاليبَ وَإِذا كَانُوا فِي الشاءِ والبقرِ فَفَعَلُوا مَا وصفت قَالُوا جَاءُوا بإمخاضَيْنِ وثلاثةِ أَمَاخِيضَ. أَبُو عبيد عَن أبي زيد الإحْلَابةُ أَن تحلب لأهْلك وَأَنت فِي المرعى لَبَنًا ثمَّ تبعثُ بِهِ إِلَيْهِم، يُقَال مِنْهُ أَحْلَبْتُهُمْ إحلاباً وَاسم اللَّبَنِ الإحلابَةُ. قلت وَهَذَا مسموعٌ من الْعَرَب صَحِيح، وَمثله الإعْجَالةُ والإعجالاتُ. وَقَالَ الليثُ: الحَلَب من الجبايةِ مثل الصدقةِ