الذُّكُور فقد أَجْلَبَ. قَالَ ابْن السّكيت فِي قَول بشر:
أَشَارَ بِهِمْ، لَمْعَ الأَصَم، فأقْبَلُوا
عرانِينَ لَا يَأْتِيه للنصر مُحْلِبُ
كأَنَّه قَالَ لَمَعَ لَمْعَ الأَصم لِأَن الأصَمَّ لَا يسمع الْجَواب فَهُوَ يُديم اللَّمْع. وَقَوله لَا يَأْتِيهِ مُحْلِبُ أَي لَا يَأْتِيهِ مُعِينٌ من غير قومه، وَإِذا كَانَ الْمعِين من قومه لم يكن مُحْلِباً وَقَالَ:
صَرِيحٌ مُحْلِبٌ من أَهْلِ نَجْدٍ
لحي بَين أثلة والنجَامِ
وَمن أَمْثَال الْعَرَب: لَيْسَ لَهَا رَاعٍ وَلَكِن حَلْبة، يُضْرَبُ للرجل يَسْتَعِينُكِ فَتُعِينه وَلَا مَعُونَة عِنْده. قَالَه ابْن الْأَعرَابِي قَالَ وَمن أمثالهم: لَبثْ قَلِيلا يلْحق الحلائِب يَعْنِي الْجَمَاعَات أنْشد الْبَاهِلِيّ للجعدي:
وبَنُو فَزَارَةَ إِنَّهَا
لَا تُلْبِثُ الحَلْبَ الحَلَائب
حُكيَ عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: لَا تُلْبِثُ الحلائِبُ حَلْبَ ناقةٍ حَتَّى تَهْزِمَهُم: قَالَ وَقَالَ بَعضهم: لَا تُلْبِثُ الحلائبُ أَن تَحْلِب عَلَيْهَا تُعَاجِلُها قبل أَن تَأْتِيهَا الأَمْدَادُ وَهَذَا زَعَم أَثْبَتُ. وَمن أمثالهم حَلَبْتَ بالساعد الأشِدّ أَي استعَنْتَ بِمن يقوم بِأَمْرِك ويُعْنَى بحاجَتِك.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي أسْرع الظباء تَيْسُ الحُلَّب لِأَنَّهُ قد رعى الربيعَ، والربل والرَبْلُ مَا تَرَبّل من الرَّيحة فِي أَيَّام الصَّفَريَة وَهِي عشرُون يَوْمًا من آخِرِ القَيْظِ، والرَّيحة تكون من الْحَلب والنصِيّ والرُّخَامِي، والمَكْرِ، وَهُوَ أَن يظْهر النبت فِي أُصُوله فالتي بقيت من الْعَام الأَوّلِ فِي الأَرْض تَرُبُّ الثرى أَي تلْزمهُ. والحُلَّب نبت ينبسط على الأَرْض تدوم خُضْرَتُه لَهُ ورق صغَار يُدبغ بِهِ يُقَال سِقاءٌ حُلَّبى.
أَبُو زيد بقرة مُحِلُّ وشاةٌ مُحِلٌّ وَقد أحلَّت إحْلالاً إِذا حَلَبت بِفَتْح الْحَاء قبل وِلَادها، قَالَ وحَلَبت أَي أَنْزَلت اللَّبَن قبل وِلَادها.
أَبُو عبيد من أمثالهم فِي الْمَنْع: لَيْسَ كلَّ حِين أُحْلَب فأُشْرَب، هَكَذَا رَوَاهُ المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم.
قَالَ أَبُو عبيد وَهَذَا الْمثل يرْوى عَن سعيد بن جُبَيْر، قَالَه فِي حَدِيث سُئِلَ عَنهُ وَهُوَ يضْرب فِي كل شَيْء يُمْنَع. وَقد يُقَال: لَيْسَ كلَّ حِين أَحْلِب فأَشْرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: تَحَلَّب فُو فُلانٍ وتحلَّب الندى إِذا سَالَ وَأنْشد:
وظلَّ كَتَيْسِ الرَّمْلِ يَنْفُض مَتْنَهُ
أذَاةً بِه من صَائك مُتَحَلبِ
شَبَّه الْفرس بالتَّيْس الَّذِي تحلّب عَلَيْهِ صائك المَطَر من الشّجر، والصائِكُ الَّذِي يتَغَيَّر لونُه وريحه والحُلْبَةُ حَبَّةٌ والجميع حُلُب. والْحُلْبُوب اللَّوْن الْأسود وَقَالَ رؤبة:
واللون فِي حُوَّته حُلْبُوب
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي الحُلُب السُّود من كل الْحَيَوَان. قَالَ والحُلُب الفُهَماء من الرِّجَال.
وَقَالَ اللَّيْث: الحُلْبُ الْجُلُوس على ركبته يُقَال احْلُبْ فَكُلْ.