قَاتَلَ اللَّهُ قَيْسَ عَيْلَانَ حَيّاً
مَا لَهُمْ دُونَ غَدْرَةٍ مِنْ حِجَابِ
أنْشدهُ أَبُو عُبَيْدَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الْحَيَاة كتبت بِالْوَاو فِي الْمُصحف ليُعلم أَن الْوَاو بعد الْيَاء، وَقَالَ بَعضهم بل كتبت واواً على لُغَة من يفخم الْألف الَّتِي مرجعها إِلَى الْوَاو، نَحْو الصلوة، والزكوة، وحَيْوَة اسْم رجل بِسُكُون الْيَاء، وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الغساني عَن سَلَمة عَن أبي عُبَيْدَة فِي قَوْله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَواةٌ} (البَقَرَة: ١٧٩) أَي منفعةٌ، وَمِنْه قَوْلهم لَيْسَ بفلان حَيَاة أَي لَيْسَ عِنْده نَفْعٌ، وَلَا خيرٌ.
وَيُقَال حايَيْتُ النَّار بالنفْخ كَقَوْلِك أحْيَيْتُها.
وَقَالَ الأصمعيّ: أنْشد بعض الْعَرَب بَيت ذِي الرمة:
فقلتُ لَهُ ارْفَعْهَا إليكَ وَحَايِها
بِرُوحِكَ واقْتَتْهُ لَهَا قِيتَةً قَدْرا
وَغَيره يرويهِ وأحْيها، وسمعتُ العربَ تَقول إِذا ذَكَرَتْ مَيتاً: كُنَّا سَنَة كَذَا وكَذَا بمَكَان كَذَا وكَذَا، وَحَيُّ عمروٍ مَعنا، يُرِيدُونَ: عَمْرُو مَعَنَا حَيٌّ بذلك الْمَكَان، وَكَانُوا يَقُولُونَ: أَتَيْنَا فلَانا زَمَانَ كَذَا وحيُّ فلَان شاهدٌ وحيُّ فلانَةَ شاهدَةٌ، الْمَعْنى وفلانٌ إِذْ ذَاك حَيٌّ وَأنْشد الفرّاء فِي هَذَا:
أَلا قَبَحَ الإِلهُ بَنِي زِيَادٍ
وحَيَّ أبِيهِمُ قَبْحَ الحِمَارِ
أَي قبّح الله بني زِيَاد وأباهم. وَقَالَ ابْن شميلٍ: يقالُ أَتَانَا حَيُّ فلانٍ أَي أَتانا فِي حَيَاتِه وسمعتُ حَيَّ فلَان يَقُولُونَ كَذَا أَي: سمعته يَقُول فِي حياتِه. أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنَّهُ أنْشدهُ:
أَلا حَيَّ لي مِنْ ليلةِ القَبْرِ أَنَّهُ
مَآبٌ وَلَو كُلفْتُه أَنا آئِبُهْ
قَالَ: أَرَادَ أَلا يُنْجِيَنِي من لَيْلَة القَبْرِ. وَقَالَ الكسائيّ: يُقَال لَا حَيّ عَنهُ أَي لَا مَنْعَ مِنْهُ وَأنْشد:
ومَنْ يَكُ يَعْيَا بالبيَان فإنَّه
أَبُو مَعْقِلٍ لَا حَيَّ عَنهُ وَلَا حَدَدْ
قَالَ الفرّاء مَعْنَاهُ: لَا يَحُدُّ عَنْه شيءٌ، وَرَوَاهُ:
فإِنْ تَسْأَلُوني بالبيَانِ فإناه
أَبُو مَعْقِلٍ الخ
وَالْعرب تذكّر الحيَّةَ وتؤنّثها فَإِذا قَالَت: الحيُّوتُ عَنَوْا الْحَيَّة الذَّكَر.
وَقَالَ اللَّيْث: جَاءَ فِي الحَدِيث أَنّ الرجل الميّتَ يُسأل عَن كلّ شَيْء حَتَّى عَن حيَّة أَهْلِه قَالَ مَعْنَاهُ عَن كل شَيْء حيَ فِي منزله مثل الهِرّة وَغَيره، فأنَّث الحيّ وَقَالَ حيَّة، ونحوَ ذَلِك.
قَالَ أَبُو عبيد فِي تَفْسِير هَذَا الْحَرْف: قَالَ وإنَّما قَالَ حيَّةٌ لأنَّه ذهب إِلَى كلّ نفس أَو دَابَّةٍ فأنّث لذَلِك.
عَمْرو عَن أَبِيه: الْعَرَب تَقول: كَيفَ أَنْت وَكَيف حَيَّةُ أهْلِك، أَي كَيفَ مَنْ بَقِي مِنْهُم حَيّاً. قلت: وللعرب أَمْثَالٌ كَثِيرَة فِي الحَيّة نَذْكُرُ مَا حضرَنا مِنْهَا، سمعتُهم يَقُولُونَ فِي بَاب التَّشْبِيه: هُوَ أَبْصَرُ من حيَّةٍ؛ لِحدَّة بَصَره وَيَقُولُونَ: هُوَ أظْلمُ من حيّة، لِأَنَّهَا تَأتي جُحْرَ الضبّ فتأكل حِسْلها وتسكن