وَهِي إبلٌ هوامج. قَالَ: والهَمَج جمع هَمَجة، وَهُوَ ذُباب صغيرٌ يَسقط على وُجُوه الغَنَم وَالْحمير وأعينها، وَيُقَال: هُوَ ضَرْبٌ من البَعوض، وَيُقَال للرَّعاع من النَّاس الحمَقى: إنَّما هم هَمَج.
أَبُو عبيد، عَن الْأَصْمَعِي: أهمَج الفرسُ إهماجاً فِي جَرْيه فَهُوَ مُهْمِج مِثل ألْهب، وَذَلِكَ إِذا اجْتهد فِي عَدْوه. أنْشد شعر لأبي حيّة النُّمَيْري:
وقُلْنَ لِطِفْلَةٍ منهنَّ ليستْ
بمتْفالٍ وَلَا هَمِج الْكَلَام
قَالَ: يُرِيد الشّرارة والسَّماجة.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الإهماج: الإسماج. قَالَ رؤبة:
فِي مُرْشِفاتٍ لَيْسَ بالإهماج
وهُماجُ: اسمُ موضعٍ بِعَيْنِه.
(أَبْوَاب الْهَاء والشين)
أهملت الْهَاء والشين مَعَ الضَّاد وَالصَّاد وَالسِّين وَالزَّاي والطاء.
هـ ش د
اسْتعْمل من وجوهها: شهد، شده، دهش.
شهد: أَخْبرنِي المنذريُّ أنّه سَأَلَ أَحْمد بنَ يحيى عَن قَول الله عزّ وجلَّ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَاهَ إِلَاّ هُوَ} فَقَالَ: كلُّ مَا كَانَ {شَهِدَ اللَّهُ} فَهُوَ بِمَعْنى عَلِم الله، قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: مَعْنَاهُ قَالَ الله. قَالَ: وَيكون مَعْنَاهُ عَلِم الله، وَيكون {شَهِدَ اللَّهُ} كَتَب الله، وَقَالَ أَبُو بكر بنُ الأنباريَّ فِي معنى قَول المؤذّن: أشهد أَن لَا إلاه إلاّ الله: أَعلَم أَن لَا إلاه إلاّ الله وأبيّن أنّه لَا إلاه إلاّ الله، قَالَ وقولُه جلَّ وعزَّ: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَاهَ إِلَاّ هُوَ} مَعْنَاهُ: بيَّن الله أنّه لَا إلاه إلاّ هُوَ، قَالَ: وَقَوله: أشهد أنّ محمَّداً رَسُول الله: أعلَم وأبيّن أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول الله.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: معنى {شَهِدَ اللَّهُ} قضَى الله أنّه لَا إلاه إلاّ الله، قَالَ: وحقيقتُه عَلِمَ الله وبَيَّن الله؛ لِأَن الشَّاهِد: هُوَ الْعَالم الَّذِي يبيِّن مَا عَلِمه، فَالله قد دلَّ على توحيده بِجَمِيعِ مَا خلق، فبيَّن أَنه لَا يقدِر أحدٌ أَن ينشىء شَيْئا وَاحِدًا ممَّا أَنشَأَ، وشَهِدَتِ الْمَلَائِكَة لِمَا عاينتْ مِن عَظِيم قدرتِه، وَشهد أولُو العِلم بِمَا ثَبَت عِنْدهم، وَتبين من خلْقه الَّذِي لَا يقدر عَلَيْهِ غيرُه.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحمدُ بنُ يحيى: {شَهِدَ اللَّهُ} : بيَّن الله وأَظهَر. وشَهِد الشّاهد عِنْد الْحَاكِم: أَي بَيَّن مَا يَعلَمه وأَظهَره، يدل على ذَلِك قَوْله: {شَهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ} (التّوبَة: ١٧) وَذَلِكَ أنّهم يُؤمنُونَ بأنبياءَ شَعرُوا بمحمّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وحَثّوا على اتِّباعه، ثمّ خالَفُوهم فكذّبوه، فبيّنوا بذلك الكفرَ على أنفسهم، وإنْ لم يَقُولُوا: نَحن كفّار.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي تَفْسِير الشّهيد الّذي يُستشهَد: الشَّهيد: الحيُّ.
قلتُ: أرَاهُ تأوّل قولَ الله جلّ وعزّ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (آل عِمرَان: ١٦٩) كأنّ أرواحَهم أُحضِرتْ دارَ السّلام أَحيَاء وأرواح