يَوْم بَدْر، وَلَكِنِّي اسْتَبْقَيتُك لمثل هَذَا الْيَوْم.
فَقَالَ عَمْرو: وَأَنت وَالله لقد كنت أَهدفْتَ لي، وَمَا يَسُرُّني أنَّ لي مثل ذَلِك بِفَرَّتي مِنْك.
قَالَ شمر: قَوْله: أهدفت لي، الإهدافُ: الدُّنُّو مِنْك والاستقبالُ لَك والانتصاب. يُقَال: أهدَف لي الشيءُ فَهُوَ مُهدِف، وَأنْشد:
ومِن بني ضَبَّة كَهْفٌ مِكْهَفُ
إنْ سالَ يَوْمًا جَمْعُهمْ وأَهدَفُوا
وَقَالَ: الإهدافُ: الدُّنُوُّ: أَهدَفَ القومُ: إِذا قَرُبوا.
وَقَالَ ابْن شُميل، أَو قَالَه الفرَّاء: يُقَال لمّا أَهدَفَتْ لي الكوفةُ نَزَلْتُ، ولمّا أهدَفَتْ لَهُم تفرَّقوا، وكلُّ شَيْء رَأَيْته قد استقبَلك اسْتِقْبَالًا فَهُوَ مُهْدِف ومُسْتَهدِف.
قَالَ النَّابِغَة:
وإِذا طَعَنْتَ طَعَنْتَ فِي مُسْتَهدِفٍ
رابِي المَجَسَّة بالعَبِير مُقَرْمَدِ
أَي مُرتفع منتصب، وَقد اسْتهدَف: أَي انتَصَب، وَمن ذَلِك أُخذ الهدَف لانتصابه لِمَنْ يَرمِيه.
وَقَالَ الزَّفَيان السَّعْديّ يذكر نَاقَته:
ترجوا اجتبارَ عظْمها إذْ أَزْحَفَتْ
فأَمْرَعَتْ لما إليكَ أَهدَفَتْ
أيْ قدْ قَرُبتْ وَدَنَتْ.
وَفِي (النَّوَادِر) : يُقَال: جَاءَت هادِفَةٌ من نَاس، ودَاهفَةٌ وجاهشَةٌ.
وهاجِشَةٌ وهابِشَةٌ وهائِشةٌ وَيُقَال: هَل هَدَف إِلَيْكُم هادِفٌ، أَو هَبَشَ هابِشٌ: يستخبره هَل حَدَثَ ببَلده أحدٌ سِوى مَن كَانَ بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الهدَف: الغرَض. والهَدَفُ من الرّجال: الجسيم الطَّويلُ العُنُق العريضُ الألوَاح.
وَيُقَال: أَهْدَفَ لَك السحابُ أَو الشَّيْء: إِذا انتَصَب، والهَدفُ: كلُّ شيءٍ عريض مرتفِع.
وَفِي الحَدِيث أَنّ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ إِذا مرَّ بهدفٍ مائلٍ أَو صَدفٍ مائلٍ أسرَعَ المشيَ.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الأصمعيّ: الهدَف: كل شَيْء عَظِيم مُرْتَفع.
وَقَالَ غَيره: وَبِه شُبِّه الرَّجل الْعَظِيم، فَقيل لَهُ: هَدَف، وَأنْشد:
إِذا الهَدَفُ المِعْزالُ صوَّب رأْسَه
وأَعجبه ضَفْوٌ من الثَّلّةِ الخُطْلِ
قَالَ: والصَّدَف نحوٌ من الهَدف.
وَقَالَ أَبُو سعيد فِي قَوْله: إِذا الهدف المِعْزال: هَذَا راعِي ضَأْن فَهُوَ لضَأْنه هَدف تأوِي إِلَيْهِ، وَهَذَا ذمٌّ للرجُل إِذا كَانَ راعِيَ الضَّأْن، وَيُقَال: أحمقُ من راعي الضَّأْن. قَالَ: وَلم يُرِدْ بالخُطْل اسْترخاء آذانها، أَرَادَ بالخُطْل: الكثيرةَ تخْطِل عَلَيْهِ وتَتْبَعُه.
قَالَ: وَقَوله: الهَدَف: الرجلُ الْعَظِيم خطأ.
وَفِي حَدِيث أبي بكر: قَالَ لَهُ ابْنه عبد الرحمان: لقد أَهْدَفْتَ لي يومَ بدر، فَصِفْتُ عَنْك، فَقَالَ أَبُو بكر: لكنَّك لَو أَهدفْتَ لي لم أَصِفْ عَنْك: يُقَال لكل