وَقَالَ الزّجاج: قَالَ المفسّرون فِي قَوْله جلّ وعزّ: {إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ} (الأعرَاف: ١٥٦) إِنَّا تُبْنا إِلَيْك، وَأما قَوْله جلّ وعزّ: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِى ظُفُرٍ} (الأنعَام: ١٤٦) فَمَعْنَاه دَخَلوا فِي الْيَهُودِيَّة.
وَفِي الحَدِيث: (كلّ مَوْلُود يُولَد على الفِطرة فأَبَواه يُهوِّدانه أَو ينصِّرانه) ، مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا يعلِّمانه دينَ اليهوديّة ويُدخِلانه فِيهِ.
وَقَالَ الْفراء، فِي قَول الله: {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَاّ مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} (البَقَرَة: ١١١) .
قَالَ: يُرِيد يَهُوداً، فحذَف الْيَاء الزَّائِدَة ورَجَع إِلَى الفِعل من الْيَهُودِيَّة، وَهِي فِي قِرَاءَة أُبَيّ: (إِلَّا من كَانَ يَهُودِيّا أَو نَصْرَانِيّا) .
قَالَ: وَيجوز أَن يُجْعَل هُوداً جمعا، واحدُه هائد وهُود، مثل جائل وعائط من النُّوق، والجميع جُولٌ وعُوط، وَجمع اليَهودِيّ يَهود، كَمَا يُقَال فِي جمع المَجُوسيّ مجُوس، وَفِي جمع العَجَميّ والعربيّ عَرَب وعَجَم.
أَبُو عبيد، التهوُّد: التَّوْبَة وَالْعَمَل الصَّالح وَقَالَ زُهَيْر:
سِوَى رُبَعٍ لَم يأْتِ فِيهَا مخانةً
وَلَا رَهقاً مِن عائدٍ متهودِ
قَالَ: المتهوِّد: المتقرِّب {إِنَّا هُدْنَآ إِلَيْكَ} (الأعرَاف: ١٥٦) أَي تُبْنا إِلَيْك ورَجَعْنا وقَرُبنا من الْمَغْفِرَة.
وَقَالَ شمر: المتهوِّد: المتوصّل بهوادةٍ إِلَيْك، قَالَه ابْن الأعرابيّ، قَالَ: والهَوادَة: الحُرْمَة، والسبَب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هادَ، إِذا رَجَع من خيرٍ إِلَى شَرّ، أَو من شَرّ إِلَى خير، ودَاهَ إِذا عَقَل.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: التهويد: السّير الرفيق.
وَفِي حَدِيث عمر: أَن ابْن حُصَين أَنه أَوْصَى عِنْد مَوته: إِذا مِتُّ فخرجتم بِي فأَسرعوا المشيَ وَلَا تُهَوِّدوا كَمَا تُهَوِّد اليهودُ وَالنَّصَارَى.
قَالَ أَبُو عبيد: التهويد: المشيُ الرُّوَيد، مثل الدَّبِيب وَنَحْوه، وَكَذَلِكَ التهويد فِي المَنطق، وَهُوَ السَّاكِن.
وَقَالَ الرَّاعِي يصف نَاقَة:
وخَوْدٍ من اللائي يُسَمَّعْن بالضُّحَى
قَرِيصَ الرُّدافَى بالغِناء المُهوَّدِ
وَقَالَ أَبُو مَالك: يُقَال: هوَّد الرجلُ، إِذا سَكَن، وهوَّد، إِذا غَنَّى، وهوَّد، إِذا اعتَمَد على السّيْر وَأنْشد:
سَيراً يُراخِي مُنَّةَ الجليد
ذَا قُحَمٍ وليسَ بالتَّهوِيدِ
أَي لَيْسَ بالسير الليّن.
وَقَالَ غَيره: هوَّدَه الشرابُ، إِذا خَثَّره فأَنامَه:
وَقَالَ الأخطل:
ودَافَع عني يومَ جِلِّقَ غمرَةً
وصَمَّاءَ تُنْسيني الشرابَ المهوِّدا
وَقَالَ شمِر: الهَوْدة: مُجْتَمع السَّنام وقَحْدَتُه، وجمعُها هَوْدٌ.