وقدْماً كَانَ مأهولاً
فأَمسَى مَرْتَعَ العُفْرِ
وَقَالَ رؤبة:
عَرَفْتُ بالنَّصْرِيّة المنَازِلا
قَفْراً وَكَانَت منهمُ مآهلا
وَكلُّ شَيْء من الدَّوَابّ وَغَيرهَا إِذا أَلِف مَكَانا فَهُوَ آهل وأَهلِيٌّ، وَلذَلِك قيل لمَا ألِفَ الناسَ والقُرَى: أَهلِيّ، ولمَا استوْحَش: بَرِّيٌّ ووَحْشِيّ، كالحمار الوحشيّ. والأهليُّ هُوَ الإنسيّ، ونهَى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يومَ خَيبر عَن لُحُوم الحُمُر الْأَهْلِيَّة.
وَالْعرب تَقول: مرحَباً وأَهلاً، وَمَعْنَاهُ نزَلْتَ رُحْبا، أَي سَعَةً، وأَتيتَ أَهلا لَا غَرَباء. وخَطأ بعضُ النَّاس قَول الْقَائِل: فلانٌ يستأهل أَن يُكرَم، بِمَعْنى يَستحقّ الْكَرَامَة، وَقَالَ: لَا يكون الاستئهال إلاّ من الإهالة، وأجازَ ذَلِك كثير من أهل الْأَدَب، وَأما أَنا فَلَا أنكرهُ وَلَا أُخطِّىء من قَالَه، لِأَنِّي سمعتُه. وَقد سمعتُ أَعْرَابِيًا فصيحاً من بني أسَد يَقُول لرجُل أُولِيَ كَرامَةً: أَنْت تستأهل مَا أُوْلِيتَ، وَذَلِكَ بِحَضْرَة جماعةٍ من الْأَعْرَاب، فَمَا أَنكَروا قَوْله، ويحقِّق ذَلِك قولُ الله جلّ وعزّ: {اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ} (المدثر: ٥٦) .
قَالَ الأزهريّ: وَالصَّوَاب مَا قَالَه أَبُو زيد والأصمعيّ وَغَيره، لِأَن الأسديّ أَلِفَ الحاضرةَ فأَخذَ هَذَا عَنْهُم.
قَالَ أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: يُقَال: أَهَلَ فلانٌ امْرَأَة يأْهِلُ إِذا تزوّجها، فَهِيَ مأْهولة.
وَقَالَ فِي بَاب الدّعاء: آهلك الله فِي الجنةِ إيهالاً، أَي زوّجك مِنْهَا وأَدْخَلَكَها.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: أهَلَ يَأْهِل أَهْلا، ويأهُل أهُولاً، إِذا تزوّج.
وَقَالَ المازنيّ: لَا يجوز أَن تَقول: أَنْت مستأْهلٌ هَذَا الْأَمر، وَلَا أنتَ مستأَهلٌ لهَذَا الْأَمر، لأنّكَ إِنَّمَا تُرِيدُ أنتَ مستوجِب لهَذَا الْأَمر، وَلَا يدلّ مستأهل على مَا أردتَ، وإنّما معنى هَذَا الْكَلَام أَنْت تطلبُ أَن تكون من أَهل هَذَا الْمَعْنى، وَلم تُرِد ذَلِك، وَلَكِن تَقول: أَنْت أهلٌ لهَذَا الْأَمر.
وَهل: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: وَهِلْتُ فِي الشَّيْء، ووَهِلْتُ عَنهُ وَهَلاً، إِذا نَسِيتَه وغَلْطت فِيهِ، ووَهَلْتُ إِلَى الشَّيْء أَهِلُ وهَلَا إِذا ذَهَبَ وَهْمُك إِلَيْهِ. وَقَالَ الكسائيّ: مثله. وَيُقَال: وَهِلَ الرجلُ، إِذا جَبُنَ.
ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ، وَهَلْتُ، إِذا أَوْهَمْت وسَهَوْت، ووَهِلْتُ، إِذا فَزِعْت أَوْهَلُ وَهَلَا، فَأَنا وَهِلُ، ووهِلتُ فأَنا واهِل أَي سَهَوْت.
وَقَالَ أَبُو زيد: وَهَلَ يَهِل وَهْلاً مثل: وَهِمَ يَهِم. وَهْماً. وَمِنْه قولُ ابْن عمر: وَهِلَ أَنَسٌ. قَالَ: وَأما الوَهَل فَهُوَ الفَزَع، والمستَوْهِل الفَزِع النّشِيط.
قَالَ: ووَهِلْتُ إِلَيْهِ وَهْلاً: فَزِعْت إِلَيْهِ، ووَهِلْتُ مِنْهُ: فزِعْتُ مِنْهُ.