فبتُّ كَأَنِّي ساورتني ضئيلة
من الرُّقش فِي أنيابها السمُّ ناقعُ
وَقَالَ غَيره: يُقَال سمٌّ مُنْقَع، وموتٌ ناقع: دَائِم.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: نَقَعتُ بِالْمَاءِ وَمِنْه أنقعُ نُقوعاً، إِذا شربَ حَتَّى يرْوى، وَقد أنقعَني المَاء. قَالَ: وَسمعت أَبَا زيد يَقُول: الطَّعَام الَّذِي يُصنع عِنْد الإملاك: النَّقيعة. يُقال مِنْهُ نَقَعت أنقَع نُقوعاً.
وَقَالَ الْفراء: النَّقيعة: مَا صَنَعه الرجلُ عِنْد قدومه من السَّفَر، يُقَال أنقعتُ إنقاعاً. وَأنْشد:
إنّا لنضربُ بالصوارم هامَهم
ضَربَ القُدارِ نقيعة القُدّامِ
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: النقيعة طَعَام المِلاك. يُقَال دعَونا على نقيعتهم. قَالَ: وربَّما نقَعوا عَن عدّة من الْإِبِل إِذا بلغَتْها، جَزوراً مِنْهَا، أَي نَحروه، فَتلك النَّقيعة. وَأنْشد:
مَيْمُونَة الطير لم تَنعِقْ أشائمها
دائمة الْقدر بالأفراع والنقُعِ
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبة: إِذا زُوِّج الرجل فأطعمَ عَيْبَتَه قُلْنَا: نَقَع لَهُم، أَي نحر.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: النَّقيعة: مَا نُحِر من النَّهب قبل القَسْم.
وَقَالَ ابْن السّكيت: النقيعة: الْمَحْض من اللَّبن يبرَّد. حَكَاهُ عَن بعض الْأَعْرَاب. وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال انتقَعَ بَنو فلانٍ نقيعةً، إِذا جَاءُوا بناقةٍ من نهبٍ فنحروها.
قلت: وَقد ذكرت اخْتلَافهمْ فِي النَّحيرة الَّتِي تُدعَى النَّقيعة، ومأخذها عِنْدِي من النَّقْع والنَّحر وَالْقَتْل، يُقَال سمٌّ ناقع، أَي قَاتل. وَقد نقَعه، إِذا قَتله. وَأما اللبنُ الَّذِي يبرَّد فَهُوَ النَّقيع والنقيعة، وَأَصله من أنقعتُ اللَّبن فَهُوَ نَقِيع، وَلَا يُقَال مُنْقَع وَلَا يَقُولُونَ نقعتُه.
وَهَذَا سَمَاعي من الْعَرَب.
وَوجدت للمؤرّج حروفاً فِي الإنقاع مَا عِجْتُ بهَا، وَلَا علمتُ ثِقَة من رَوَاهَا عَنهُ. يُقَال أنقعت الرجل، إِذا ضربتَ أنفَه بإصبعك. وأنقعت الْمَيِّت، إِذا دفنتَه. قَالَ: وأنقعت الْبَيْت، إِذا زخرفتَه. وأنقعت الْجَارِيَة، إِذا افترعتَها. وأنقعتُ الْبَيْت، إِذا جعلت أَعْلَاهُ أَسْفَله. قلت: وَهَذِه حروفٌ لم أسمعها لغير المؤرّج.
وَرُوِيَ عَن عمر أَنه قَالَ: (مَا على نسَاء بني الْمُغيرَة أَن يسفكن من دموعهنّ على أبي سُلَيْمَان مَا لم يكن نَقعٌ وَلَا لقلقَة) . قَالَ أَبُو عبيد: النَّقع: رفع الصَّوْت. قَالَ لبيد:
فَمَتَى يَنْقَع صُراخٌ صادقٌ
يُحْلِبوها ذاتَ جَرسٍ وزَجَلْ
ويروى (يَجْلبوها) ، يَقُول: مَتى سمعُوا صَارِخًا، أَي مستغيثاً، أحلبوا الحربَ، أَي جمعُوا لَهَا.
والنَّقع فِي غير هَذَا: الْغُبَار، قَالَ الله جلّ وعزّ: {صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ} (العَاديَات: ٤) أَي غباراً. وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: معنى فَمَتَى ينقع صُراخٌ، أَي يرْتَفع. وَقَالَ غَيره: يَدُوم وَيثبت. وَقَالَ الْفراء: يُقَال نَقَع الصَّارِخ بِصَوْتِهِ وأنقع صوتَه، إِذا تابعَه وأدامه.