الأعرابيّ أَنه أنْشدهُ فِي صفة الْفرس:
يمْلَأ عينَيك بالفِناءِ ويُرْ
ضيك عِقاباً إِن شئتَ أونَزَقا
قَالَ: عِقاباً: يعقِّب عَلَيْهِ صاحبُه، أَي يَغْزُو عَلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى. قَالَ: وَقَالُوا عِقاباً أَي جَريا بعد جَري.
قلت: هُوَ جمع عَقِب.
قَالَ: وَقَالَ الْحَارِث بن بدر: (كنت مرّةً نُشْبةً وَأَنا الْيَوْم عُقْبة) .
قَالَ: مَعْنَاهُ كنتُ إِذا نَشِبتُ بإنسانٍ وعَلِقتُ بِهِ لَقِي منّى شّراً، فقد أعقبتُ الْيَوْم ورجعتُ.
قلت: وَلما حوّل الله الخلافةَ من بني أُميَّة إِلَى بني هَاشم قَالَ سُدَيف، شَاعِر ولد العبّاس، لبني أُميَّة فِي قصيدة لَهُ:
أعقبى آل هاشمٍ يَا أمَيَّا
يَقُول: انزلي عَن الْخلَافَة حتّى يعلوَها بَنو هَاشم فإنّ العُقبة لَهُم الْيَوْم عَلَيْكُم.
أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: عَقَّبتُ الخَوْقَ، وَهُوَ حَلْقة القُرط، وَهُوَ أَن يُشَدَّ بعَقبٍ إِذا خَشُوا أَن يَزِيغ. وأنشدنا:
كأنَّ خَوقَ قُرطها المعقوبِ
على دَباةٍ أَو على يعسُوبِ
وعقَبت القِدح بالعَقَب مثلُه. وعقَبَ فلانٌ مَكَان أَبِيه عَقباً. وعقَبتُ الرجل فِي أَهله، إِذا بغيتَه بشرَ وخلفتَه. وعَقبت الرجل: ضربت عقبه وعقبت الرجُل: إِذا ركِبتَ عُقبة وركِب عُقبة. وَيُقَال أكلَ فلانٌ أَكلَة أعقبتْه سَقَماً.
وعقِب الْقدَم: مؤخّرها، وَيُقَال عَقْبٌ، وَجمعه أعقاب. وَمِنْه قَوْله: (ويلٌ لِلْأَعْقَابِ من النَّار) .
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {حَكِيمٌ وَإِن فَاتَكُمْ شَىْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} (المُمتَحنَة: ١١) هَكَذَا قَرَأَهَا مَسْرُوق وفسَّرها: فغنِمتُم، وَقرأَهَا حُميدٌ: (فعقَّبتم) قَالَ الْفراء: وَهُوَ بِمَعْنى عَاقَبْتُمْ. قَالَ: وَهِي كَقَوْلِه: (وَلَا تصاعر) {عَزْمِ الاُْمُورِ} (لقمَان: ١٨) . وقرىء (فَعَقَبْتُم) خَفِيفَة. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: من قَرَأَ {الْكُفَّارِ} (المُمتَحنَة: ١١) فَمَعْنَاه أصبتموهم فِي الْقِتَال بالعقوبة حَتَّى غَنِمْتُم قَالَ: وَمن قَرَأَ (فعقبتم) فَمَعْنَاه: فغنمتم. قَالَ: وأجودها فِي اللُّغَة فعقَّبتم وعَقَبتم جيّد أَيْضا، أَي صَارَت لكم عُقْبى. إلاّ أنَّ التَّشْدِيد أبلغ. وَقَالَ طرفَة:
فعقَبتُم بذَنُوبٍ غَيْرَ مَرّ
قَالَ: وَالْمعْنَى أنّ من مَضَت امْرَأَته مِنْكُم إِلَى مَنْ لَا عهد بَيْنكُم وَبَينه، أَو إِلَى مَن بَيْنكُم وبينَه عهدٌ فنكثَ فِي إِعْطَاء الْمهْر فغَلبتم عَلَيْهِم فَالَّذِي ذهبت امْرَأَته يُعطَى من الْغَنِيمَة المهرَ من غير أَن يُنقَص من حقِّه فِي الْغَنَائِم شَيْء، يُعطَى حقَّه كَمَلاً بعد إِخْرَاج مُهُور النِّسَاء.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: تعقّبت الرجلَ، إِذا أخذتَه بذنبٍ كَانَ مِنْهُ.
وَفِي حَدِيث: (المُعْتَقِبُ ضامنٌ لما اعتَقَب) . وَهَذَا يُروى عَن إِبْرَاهِيم النَّخعيّ. يُقَال اعتقبت الشَّيْء، إِذا حبستَه عنْدك. وَمَعْنَاهُ أنّ البائعَ إِذا بَاعَ الشيءَ ثمَّ مَنعه المشتريَ حتَّى تَلِف عِنْد البَائِع هلك من مَاله، وضمانُه مِنْهُ.