نَعْتاً نَحْو: سُكَع وكُتَع وحُطَم فَإِنَّهُ ينْصَرف.
قَالَ الله تَعَالَى: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً} (الْبَلَد: ٦) .
قَالَ: فَأَما مَا كَانَ مِنْهُ لم يَقع إِلَّا معرفَة، نَحْو: عُمَر وقُثَم ولُكَعَ، فَإِنَّهُ غير منصرف فِي الْمعرفَة، لِأَنَّهُ معدول فِي الْمعرفَة، عَن عَامر وقاثم فِي حَال التَّسْمِيَة، فَلذَلِك لم ينْصَرف. قَالَ أَبُو مَنْصُور: فَأَما غُدَرٌ، فَإِنَّهُ نعت مثل حُطَم وَهُوَ ينْصَرف.
وَأَخْبرنِي الإيادِيُّ عَن شمرٍ: رجلُ غُدَرٌ: أَي غادرٌ ورجلٌ نُصرٌ: ناصرٌ، ورجلٌ لُكَعٌ أَي لئيم نَوَّنَها كلَّها خلافَ مَا قَالَ اللَّيْث، وَهُوَ الصَّوَاب، إِنَّمَا يُترك صرف بَاب فُعَل: إِذا كَانَ اسْماً معرفَة مثل عُمرَ وزُفرَ لِأَن فِيهَا العِلّتَيْن الصّرْف والمعرفة، وليلةٌ مُغدِرَةٌ: شَدِيدَة الظلمَة، وَيُقَال أَيْضا: ليلةٌ غَدِرةٌ: بَيِّنَة الغَدَرِ: إِذا كَانَت شَدِيدَة الظلْمةِ، روى ذَلِك كلَّه أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو.
وَفِي الحَدِيث: (من صلى العشاءَ فِي جماعةٍ فِي اللَّيْلَة المغْدِرةِ فقد أوجب) ، والليلةُ الْمُغدرةُ: الشَّدِيدَة الظلمةِ الَّتِي تُغدرُ النَّاس فِي بُيُوتهم وكنِّهمْ أَي تَتْركُهمْ.
وَيُقَال: أعانني فلانٌ فأغدَرَ ذَلِك لَهُ فِي نَفسِي مَودّةً: أَي: أبقى. وَقيل: إِنَّهَا سُمِّيتْ مُغدرةً لتركها مَنْ يخرج فِيهَا فِي الغَدَرِ وَهِي الْجِرَفَةُ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: رجلٌ ثبْت الغَدَرِ: إِذا كَانَ ثَبْتاً فِي قتالٍ أَو كَلَام، اللحيانيُّ عَن الْكسَائي، يُقَال: مَا أثْبَتَ غدَرَ فلانٍ: أَي مَا بقيَ من عقلِه.
قَالَ: وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْغَدَرُ: الجِحَرةُ والجِرَفة فِي الأَرْض فَيُقَال: مَا أثبتَ حجَّته وأقلَ زلقَه وعثارَه.
وَقَالَ ابْن بزْرج: إِنَّه لثَبْت الْغَدَرِ: إِذا نَاطِق الرجالَ ونازعهم كَانَ قويّاً، والْغدر: جِرَفة الأرضِ وجراثيمها، وَفِي النَّهر غَدَر: وَهُوَ أَن يَنضبَ الماءُ وَيبقى الوحل، والغدْراءُ: الظلمَة يُقَال: خَرجنَا فِي الْغَدْرَاء.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (يَا لَيْتَني غودِرْت مَعَ أصْحَابِ نُحصِ الجبَل) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يَا لَيْتَني اسْتشْهدت مَعَهم.
وَقَالَ الله جلّ وَعز: {لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً} (الْكَهْف: ٤٩) ، أَي: لَا يتْرك، وَقد غادر وأغدر بِمَعْنى واحدٍ. وَقَالَ الفقعسيُّ:
هَل لَكِ والعَارِضُ مِنكِ غَائِض
فِي هَجْمَةٍ يُغْدِرُ مِنْهَا القَابِضُ
وَقَالَ اللَّيْث: الغَدِيرُ مستنقعُ ماءِ الْمَطَر صَغِيرا كَانَ أَو كَبِيرا غير أنَّه لَا يَبقَى إِلَى القَيْظ إلَاّ مَا يتَّخذُه الناسُ من عِدَ أَو وَجْذٍ أَو وَقْطٍ أَو صِهْرِيجٍ أَو حائرٍ.