وفصيلَها لرضيعها. الْمَعْنى لَو تُركت مَعَ فصيلها. قَالَ: وَمن قَرَأَ: (فاجمعوا أَمركُم وشركاءهم) بِأَلف مَوْصُولَة فَإِنَّهُ يعْطف (شركاءكم) مَعَ (أمركمْ) . قَالَ: وَيجوز فاجمعوا أَمركُم على شركائكم. وَقَالَ الأصمعيّ: جمعتُ الشَّيْء، إِذا جئتَ بِهِ من هَاهُنَا وَهَاهُنَا. قَالَ: وأجمعتُه، إِذا صيَّرتَه جَمِيعًا. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
وأولاتِ ذِي العَرْجاء نَهبٌ مُجمَعُ
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله جلّ وعزّ: {فَأَجْمِعُواْ كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُواْ صَفّاً} (طاه: ٦٤) قَالَ: الْإِجْمَاع: الإحكام والعزيمة على الشَّيْء، تَقول: أجمعتُ الخروجَ وأجمعتُ على الْخُرُوج. قَالَ: وَمن قَرَأَ: {فاجمعوا كيدكم فَمَعْنَاه لَا تدَعوا من كيدكم شَيْئا إِلَّا جئْتُمْ بِهِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: أجمع أمرَه، أَي جعله جَمِيعًا بَعْدَمَا كَانَ متفرِّقاً. قَالَ: وتفرُّقه أَنه جعل يدبِّره فَيَقُول مرّةً أفعل كَذَا وَمرَّة أفعل كَذَا، فَلَمَّا عزمَ على أمرٍ مُحكم أجمعَه، أَي جعله جَمِيعًا. قَالَ: وَكَذَلِكَ يُقَال أجمعتُ النَّهب. والنَّهب: إبلُ القومِ الَّتِي أغار عَلَيْهَا اللُّصوص فَكَانَت متفرِّقةً فِي مراعيها فجمعوها من كلّ ناحيةٍ حتّى اجتمعتْ لَهُم ثمَّ طردوها وساقوها، فَإِذا اجْتمعت قيل أجمعوها. وَأنْشد:
نهبٌ مُجمَعُ
وَقَالَ بَعضهم: جمعت أَمْرِي. وَالْجمع: أَن تجمع شَيْئا إِلَى شَيْء. وَالْإِجْمَاع: أَن تجْعَل المتفرّقَ جَمِيعًا، فَإِذا جعلته جَمِيعًا بَقِي جَمِيعًا وَلم يكد يتفرَّق، كالرأي المعزوم عَلَيْهِ المُمضَى.
وَقَالَ غَيره فِي قَول أبي وَجْزة السعديّ:
وأجمعتِ الهواجرُ كلَّ رَجعٍ
من الأجماد والدَّمِث البَثاءِ
أَجمعت: أيبسَتْ. والرَّجع: الغدير. والبَثاء: السهل.
وَقَالَ بَعضهم: أجمعْتُ الْإِبِل: سقتُها جَمِيعًا. وأجمعَتِ الأرضُ سَائِلَة وَأجْمع الْمَطَر الأَرْض، إِذا سَالَ رَغابُها وجَهادُها كلُّها.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {ءَامَنُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - اْ إِذَا نُودِىَ لِلصَّلَواةِ مِن يَوْمِ} (الجُمُعَة: ٩) قَالَ الْفراء: خفّفها الْأَعْمَش وثقَّلها عاصمٌ وَأهل الْحجاز. قَالَ: وفيهَا لُغَة: الجُمْعة، وَهِي لبني عُقيل. قَالَ: وَلَو قرىء بهَا لَكَانَ صَوَابا. قَالَ: وَالَّذين قَالُوا الجُمعَةَ ذَهَبُوا بهَا إِلَى صفة الْيَوْم أنّه يجمع النَّاس، كَمَا يُقَال رجلٌ هُمَزة لمُزَة: ضُحَكة.
وَقَالَ اللَّيْث: الجمْعة يَوْم خُصَّ بِهِ لِاجْتِمَاع النَّاس فِي ذَلِك الْيَوْم، وَتجمع على الجُمُعات والجُمَع، وَالْفِعْل مِنْهُ جمَّع الناسُ، أَي شهِدوا الْجُمُعَة.
قلت: الْجُمُعَة تثقَّل وَالْأَصْل فِيهَا التَّخْفِيف جُمْعة. فَمن ثقل أتبع الضمّةَ، وَمن خفّف فعلى الأَصْل. والقراء قرءوها بالتثقيل.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الشُّهَدَاء