وَقَالُوا: أَخَوَايَ جاءاني كلاهُمَا جعلُوا رفعَ الْإِثْنَيْنِ بِالْألف.
وَقَالَ الْأَعْشَى فِي مَوضِع الرَّفعِ:
كِلَا أَبَوَيكُمْ كانَ فَرْعاً دِعَامةً
يريدُ كل واحدٍ مِنْهُمَا كَانَ فرعا، وَكَذَلِكَ قَالَ لبيد:
فَعَدَتْ كِلَا الفَرْجَينِ تَحْسَبُ أَنَّه
مَوْلَى المخافةِ خَلْفُها وأَمامُها
عَدَتْ يَعْنِي بقرة وحشيةً، وكلَا الفَرْجين أَرَادَ كِلَا فرجَيْها، فأقامَ الألفَ وَاللَّام مُقام الكِنايَة.
ثمَّ قَالَ: تحسب يَعْنِي الْبَقَرَة، أَنه وَلم يقل: أَنَّهُما مَوْلى المخافة أَي وليُّ مخافتِها، ثمَّ ترجمَ عَن قَوْله كِلَا الفَرْجينِ فَقَالَ: خلفُها وأمامُها.
وَكَذَلِكَ تقولُ: كِلَا الرَّجُلين قائمٌ، وكلتا المرأتينِ قائمةٌ.
وَأنْشد:
كِلَا الرَّجُلَيْنِ أَفّاكٌ أثِيمُ
وَقد مر تفسيرُ (كلّ) فِي بَاب المضاعف، فكرهتُ إِعَادَته.
كلأ: قَالَ الله جلَّ وعزَّ: {قُلْ مَن يَكْلَؤُكُم بِالَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَانِ} (الْأَنْبِيَاء: ٤٢) .
قَالَ الْفراء: هِيَ مَهْمُوزَة، وَلَو تَركْتَ هَمْز مثله فِي غير الْقُرْآن لقلتَ يَكْلُوكم بواوٍ سَاكِنة، ويكلَاكُم بِأَلف سَاكِنة، مثل يَخْشَاكُمْ، فَمن جعلهَا واواً سَاكِنة، وَقَالَ: كلَاتُ بِأَلف يتْرك النَّبرَة مِنْهَا، وَمن قَالَ: يَكَلاكُم قَالَ: كلَيْتُ مثل قَضَيْت، وَهِي من لُغَة قُرَيْش، وكلٌّ حسنٌ، إِلَّا أنَّهم يقولونَ فِي الْوَجْهَيْنِ: مكْلُوَّة ومكْلُوٌّ أكْثرَ مِمَّا يقولُونَ: مكْليٌّ.
وَلَو قيل: مكْليٌّ فِي الَّذين يقولُون: كلَيْتُ كَانَ صَوَابا.
قَالَ: وسمعتُ بعض الْعَرَب ينشد:
مَا خَاصم الأقوامَ من ذِي خصومَةٍ
كَوَرْهَاءَ مَشْنِيَ إِلَيْهَا حَليلُها
فَبَنَى على شَنَيْت بتركِ النَّبْرةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: كَلأكَ اللَّهُ كَلاءَةً أَي حفظِكَ وحَرَسكَ، وَالْمَفْعُول بِهِ: مكلوءٌ، وَأنْشد:
إنَّ سُلَيمَى، وَالله يكْلَؤُها
ضَنَّتْ بزادٍ مَا كَانَ يَرَزَؤُها
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنَّه نهَى عَن الكالِىء بالكالىء) .
قَالَ أَبُو عبيدةَ: هُوَ النّسيئةُ بالنّسيئةِ.
وَيُقَال: تكلأَّتُ كلاءةً إِذا استَنْسأتَ نَسِيئَة، والنَّسِيئةُ: التّأخيرُ.
قَالَ أَبُو عبيدٍ: وتفسيرُه أَن يسلم الرَّجُلُ إِلَى الرجل مِئةَ درهمٍ إِلَى سنةٍ فِي كُرِّ طعامٍ، فَإِذا انقضتِ السنةُ وحلَّ الطعامُ عَلَيْهِ، قَالَ الَّذِي عَلَيْهِ الطعامُ للدّافع: ليسَ