ذَلِك أَنَّك تقولُ: أمَرْتُ عَبْدِي وإخْوَتِي فأطاعُوني إلاّ عَبْدي.
وَكَذَلِكَ قولُه تَعَالَى: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - إِلَاّ رَبَّ الْعَالَمِينَ} (الشُّعَرَاء: ٧٧) فربّ الْعَالمين لَيْسَ من الأوَّلِ، لَا يَقْدِرُ أحدٌ أَنْ يعرف من معنى الْكَلَام غير هَذَا.
وقولُه جلَّ وعزَّ: {نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ إِنَّهُمْ} (الصافات: ١٥٨) .
قَالُوا: الجِنَّةُ: الملائكةُ هاهُنا عَبَدَهُمْ قومٌ من الْعَرَب.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {صَادِقِينَ وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} (الصافات: ١٥٨) .
يُقَال: الجِنَّةُ هاهُنا الملائكةُ، يَقُول: جعلُوا بَين الله وَبَين خَلْقِهِ نسبا. فَقَالُوا: الملائكةُ بناتُ الله، ولقَدْ عَلِمَتِ الجِنَّةُ أنَّ الَّذين قالُوا هَذَا القَوْل مُحْضَرُون فِي النَّار.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مَا علَيَّ جَنَنٌ إِلَّا مَا ترى أَي مَا عَلَيَّ شيءٌ يُوارِيني.
(شمرٌ عَن ابْن الْأَعرَابِي) : يُقَال للنَّخْلِ الْمُرْتَفع طُولاً: مَجْنُونٌ، وللنّبْتِ الملَتَفّ الكثيف الَّذِي قَدْ تأزَّرَ بعضُهُ فِي بَعْضٍ: مَجْنُونٌ.
وَقَالَ الْفراء: جُنَّتِ الأرضُ إِذا قاءَتْ بشيءٍ مُعْجِبٍ من النَّبْتِ.
وَقَالَ الهُذَليُّ:
ألمّا يَسْلَم الجيرَانُ مِنْهُمْ
وقَدْ جُنَّ العِضَاهُ من العَمِيمِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: قَالَ أَبُو خَيْرَة: الأرضُ المَجْنُونَةُ: المُعْشِبَةُ الَّتِي لم يَرْعَها أحدٌ، وأتَيْتُ على أَرض هادِرَةٍ مُتَجَنّنَةٍ، وَهِي الَّتِي تُهالُ من عُشبها وَقد ذهب عُشْبُها كلَّ مَذْهَبٍ.
وَقَالَ شمرٌ: المجنُّ: التُّرْسُ، والمِجَنُّ: الوشاحُ.
قَالَ: وسُمّيَ القَلْبُ جَناناً لِأَن الصَّدرَ أجَنَّةُ.
وَأنْشد لعديَ:
كلُّ حيَ تقُودُهُ كفُّ هادٍ
جِنَّ عَيْنٍ تُعْشيه مَا هُوَ لاقي
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: جِنَّ عَيْنٍ أَي مَا جُنَّ من العَيْنِ فَلم ترَهُ.
يَقُول: المنيّةُ مسْتُورةٌ عَنهُ حتَّى يَقع فِيهَا.
(قلت أَنا) : الْهَادِي: القَدَرُ هاهُنَا جعله هادياً لأنّه تقدّمَ المَنِيةَ وسبقها، وَنصب: جِنَّ عَيْن، بِفِعْلِهِ أَوْقَعَهُ عَلَيْهِ.
وَأنْشد:
وَلَا جِنَّ بالبَغْضَاء والنَّظَرِ الشَّزْرِ
ويروَى: وَلَا جَنَّ، ومعناهُما: وَلَا سَتْرَ، وَالْهَادِي: المتقَدِّمُ، أَرَادَ أنّ القَدَرَ سابقٌ للمنِيَّةِ المُقَدّرَةِ.
وَقَالَ شمرٌ: الجَنَانُ: الأمرُ الخفِيُّ،