قَالَ: الجارُ والمجِير والمعيذ وَاحِد. ومَن عاذَ بِاللَّه، أَي اسْتجار بِهِ أجاره، وَمن أجارهُ الله لم يُوصَلْ إِلَيْهِ، وَهُوَ يُجير وَلَا يُجار عليهِ أَي يُعيذ.
وَقَالَ اللَّهُ لنَبِيِّهِ: {رَشَداً قُلْ إِنِّى لَن يُجِيرَنِى مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ} (الْجِنّ: ٢٢) . أَي لن يَمْنَعَني من الله أحَدٌ. والجارُ والمجيرُ هُوَ الذِي يَمنعُك ويُجِيرُك.
قَالَ: وَقَول الله حِكَايَة عَن إِبْلِيس {وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ} (الْأَنْفَال: ٤٨) أَي إِنِّي مُجِيركُم ومعيذُكم من قومِي بَني كنَانَة. قَالَ: وَكَانَ سَيِّدُ العشِيرة إذَا أجارَ عَلَيْهَا إنْسَانا لم يَخْفِرُوه.
وَقَول اللَّهِ جلّ وعزّ: {وَالْجَارِ ذِى الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} (النِّسَاء: ٣٦) .
فالجار ذُو القربَى هُوَ نسيبُك النازِلُ مَعَك فِي الْجِواءِ، أَو يكون نازِلاً فِي بَلْدَةٍ وأنتَ فِي أُخْرَى فلهُ حُرْمَةُ جِوار الْقَرابة. وَالْجَار الجُنبِ: أَلا يكون لَهُ مناسباً فَيَجِيءُ إِلَيْهِ فيسأله أنْ يُجيرَه، أَي يَمنعَه، فَينزل مَعَه، فَهَذَا الْجَار الْجنب لَهُ حُرْمَة نُزُوله فِي جِوَارِه ومَنَعَتهِ وركونه إِلَى أَمَانَة وعَهْده، وَالْمَرْأَة جَارة زَوجهَا؛ لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهَا وأُمِرَ بِأَن يُحسنَ إِلَيْهَا، وَأَن لَا يَتَعَدَّى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا تمسكت بعَقْد حُرْمَة قَرابة الصِّهْر، وَصَارَ زَوْجُها جَارَها؛ لِأَنَّهُ يُجيرُها ويَمنعها وَلَا يَعتدِي عَلَيْهَا، وَقد سَمَّى الْأَعْشَى امرَأَته فِي الجاهليةِ جارَة، فَقَالَ:
أيَا جَارتا بِينِي فَإِنَّكِ طالِقَهْ
ومَوْمُوقَةٌ مَا دُمْتِ فِينَا وَوَامِقَهْ
يُقَال: أَجَارَ فُلانٌ مَتاعة فِي وِعائهِ وَقد أجاروه فِي أوعيتهم. وَقَالَ أَبُو المثلّم الْهُذلِيّ:
كلوا هَنِيئًا فَإِن أنفقتُمُ بكلا
مِمَّا تُجُير بني الرّمداء فابْتَكلوا
تجير: تَجْعَلهُ فِي الأوعية. وصُرِعَ رجل فَأَرَادَ صارعُه قتْله فَقَالَ: إِجْرِ عليّ إزَارِي فَإِنِّي لم أسْتعن، أَرَادَ دَفْعَ النَّاس من سَلبِي وتعزيتي.
وقالَ أَبُو زيد: يُقالُ جاوَرْتُ فِي بني فلَان، إِذَا جاوَرْتَهم.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال جُرْجُرْ إِذا أَمَرْته بالاستعداد لِلْعَدُوِّ، وَيُقَال: تجاوَرْنا واجتوَرْنا بِمَعْنى وَاحِد.
جأر جير جور: قَالَ قَتادة فِي قَول الله تَعَالَى: {إِذَا هُمْ يَجْئَرُونَ} (الْمُؤمنِينَ: ٦٤) قَالَ: يَجْزَعون. وَقَالَ السُّدِّي: يَصِيحون. وَقَالَ مُجاهد: يَضْرَعُون دُعَاء.
الأصمعيّ: جَأَرَ الثَّوْرُ جُؤَاراً، وخَارَ خُوَاراً، بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال جأرت الْبَقرةُ جُؤَاراً، وَهُوَ رَفْعُ صَوْتها، وجأر القَوْمُ إِلَى اللَّهِ