وَقَالَ أَبُو عُبَيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: إِنَّه لصَدَى مالٍ: إِذا كَانَ عَالما بهَا وبمصلَحتِها، ومِثلُه هُوَ إزاَءُ مالٍ.
قَالَ أَبُو عبيد: والصَّدَى أَيْضا: الرجُل اللَّطيف الجَسَد.
وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن شَمِر: رَوَى أَبُو عُبيد هَذَا الحَرْفَ غيرَ مَهْمُوز، وأُراه مهموزاً، كأنَّ الصَّدَى لغةٌ فِي الصَّدَع، وَهُوَ اللّطيفُ الجِسْم.
قَالَ: وَمِنْه مَا جَاءَ فِي الحَدِيث: (صَدَأٌ من حديدٍ) فِي ذِكر عليَ.
قلتُ: وَقد فَسَّر أَبُو عُبَيد هَذَا الْحَرْف على غير مَا فسّره شَمِر.
رَوَي عَن الأصمعيّ أنّ حمّاد بن سَلَمة رَوَاهُ: (صدأ من حَدِيد) .
قَالَ: وَرَوَاهُ غيرُه: (صَدَع من حَدِيد) ، فَقَالَ عُمر: وَادفْرَاه.
قَالَ الأصمعيّ: والصَّدَأ أشبَه بِالْمَعْنَى، لأنَّ الصَّدَأَ آلَة ذَفَرٍ، والصَّدَع لَا ذَفَر لَهُ، وَهُوَ حِدَّة رائحةِ الشَّيْء، خبيثاً كَانَ أَو طيّباً. وأمّا الدّفَرُ بِالدَّال فَهُوَ فِي النَّتْن خاصّة.
قلتُ: وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ شمر مَعْنَاهُ حَسَن. أَرَادَ أنَّه يَعْنِي عليا خفيفٌ يَخِفّ إِلَى الحُروب وَلَا يكسل وَهُوَ حَدِيد لشدَّة بأسه وشجاعته؛ قَالَ الله جلّ وعزّ: {بِالْقِسْطِ وَأَنزْلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ} (الْحَدِيد: ٢٥) .
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّدَى: الذَّكَر من الْهَام. والصَّدَى: الدِّماغ نفسُه.
وَيُقَال: بل هُوَ الْموضع الَّذِي جُعِل فِيهِ السَّمْع من الدّماغ، وَلذَلِك يُقَال: أصَمَّ الله صَدَاه.
قَالَ: وَقيل: بل أصمَّ اللَّهُ صداه، مِنْ صَدَى الصوتِ الَّذي يُجيبُ صوتَ المُنادِي.
قَالَ: وَقَالَ رؤبة فِي تَصْدِيق من يَقُول: الصَّدَى: الدِّماغ:
لِهامِهِمْ أَرُضُّهُ وأَنْقُّخُ
أُمَّ الصَّدَى عَن الصَّدَى وأَصْمَخُ
قَالَ: والصَّدَاة فِعْل للمُتَصَدِّي، وَهُوَ الَّذِي يَرفَع رأسَه وصدرَه يتصدّى للشَّيْء يَنظُر إِلَيْهِ، وَأنْشد للطِّرِمّاح:
لَهَا كلَّما صاحت صداةٌ ورَكْدَةٌ
يصف هَامة إِذا صاحت تصدّتْ مرّةً وركدَتْ أُخْرَى.
قَالَ: والتَّصْدِيةُ: ضربُك يدا على يَدٍ لتُسمع بذلك إنْسَانا، وَهُوَ من قَوْله: {مُكَآءً وَتَصْدِيَةً} (الْأَنْفَال: ٣٥) وَهُوَ التصفيق، وَقد مرّ تفسيرُه فِي مُضاعَف الصَّاد.
وقولُ الله جلّ وعزّ: {الْعَالَمِينَ} {وَالْقُرْءانِ} (ص: ١) .
قَالَ الزّجّاج: من قَرَأَ: (صَاد) فَلهُ وَجْهَان؛ أحدُهما: أَنه هِجاءٌ موقوفٌ