وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} (النَّحْل: ١١٢) ، جَاعُوا حَتَّى أَكَلوا الوَبَر بالدّم، وَبلغ مِنْهُم الجُوع الحَال الَّتِي لَا غايَة بعدَها، فضُربَ اللِّباسُ لِمَا نالهم مَثَلاً لاشْتِمَاله على لابِسه.
وأخبَرَني المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: من أمثالهم: (أَعرَضَ ثوبُ المُلْبِس) ، وَيُقَال: ثوبُ المُلْبَس.
وَيُقَال: ثوب المَلْبَس، وَيُقَال: ثوب المُلْبس. يضْرب هَذَا الْمثل لمن اتسعت قرفته، أَي: كثر من يتهمه فِيمَا سَرقه.
قَالَ: والمُلْبِس: الّذي يُلبِسُك ويُحلِّك. والمِلْبَس: اللبَاس بعَيْنه، كَمَا يُقَال: إِزَار ومِئْزَر، ولِحاف ومِلْحَف. وَمن قَالَ: المَلْبَس أَرَادَ ثوبَ اللُّبْس. كَمَا قَالَ:
وبَعدَ المَشيبِ طُول عُمْرٍ ومَلْبَسا
ورُوِي عَن الأصمعيّ فِي تَفْسِير هَذَا الْمثل قَالَ: يُقَال ذَلِك للرّجل يُقَال لَهُ: ممّن أَنْت؟ فَيَقُول: مِن مُضَر، أَو من رَبيعة أَو من اليمَن، أَي: عمَمْتَ ولَم تَخُصَّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: إنّ فِي فلانٍ المَلْبَسا، أَي: لَيْسَ بِهِ كِبْر، وَيُقَال: كِبَر، وَيُقَال: لَيْسَ لفلانٍ لَبِيس، أَي: لَيْسَ لَهُ مِثل، وَقَالَ أَبُو مَالك: هُوَ من المُلابَسة، وَهِي المُخالَطة. قَالَ: وَيُقَال: لَبِسْتُ فُلَانَة عُمْرِي، أَي: كَانَت معي شَبابي كلّه، والتَبَس عليّ الأمرُ يَلتَبِس، أَي: اختَلَط، وتَلبَّسَ حُبُّ فلانةَ بدَمي ولَحْمي، أَي: اختَلَط.
شَمِر: قَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للشَّيْء إِذا غطاه كُله: ألبسهُ، وَلَا يكون لبسه، كَقَوْلِهِم: ألبسنا اللَّيْل. وألبس السماءَ السحابَ، وَلَا يكون: لبِسْنا اللَّيْل. وَلَا لبس السماءُ السحابَ.
قَالَ الشَّيْخ: وَيُقَال: هَذِه أَرض ألبستها حِجَارَة سود، أَي: غطتها. والدَّجْنُ: أَن يُلبس الغيمُ السَّمَاء. وَفِي الحَدِيث: (فيأكل مَا يتلبَّس بِيَدِهِ طَعَام) ، أَي: لَا يَلزَق بِهِ لنظافة أكله.
وَفِي المَوْلد والمَبْعَث فجَاء الْملك فشقّ عَن قلبه. قَالَ: (فَخفت أَن يكون قد التُبس بِي) ، أَي: خولطت. من قَوْلك: فِي رَأْيه لَبْسٌ، أَي: اخْتِلَاط. وَيُقَال للمجنون: مخالَط.
لسب: الحرّاني عَن ابْن السكّيت أَنه قَالَ: لَسبَتْه العقربُ تَلْسِبُه لَسْباً: إِذا لَسَعَتْه، وَيُقَال: لَسِبتُ العَسَل والسَّمْن أَلْسَبه لَسْباً: إِذا لَعِقْته.
وَقَالَ اللَّيْث: لسَبته الحيّةُ لَسْباً، وأكثرَ مَا يُستعمَل فِي الْعَقْرَب.