نفس: قَالَ الله جلّ وعزّ: {بِوَكِيلٍ اللَّهُ يَتَوَفَّى الَاْنفُسَ حِينَ مِوْتِهَا وَالَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِى قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الاُْخْرَى إِلَى} (الزمر: ٤٢) .
رُوِي عَن ابْن عبّاس أَنه قَالَ: لكل إنسانٍ نفسان: أَحدهمَا: نَفْسُ العَقْل الَّتِي يكون بهَا التَّمْيِيز، وَالْأُخْرَى نفسُ الرُّوح الّتي بهَا الْحَيَاة.
وَقَالَ أَبُو بكر ابنُ الأنباريّ: من اللّغويّين مَنْ سَوّى بَين النَّفْس والرُّوح. وَقَالَ: هما شيءٌ وَاحِد، إلاّ أنّ النفسَ مؤنَّثة والرُّوحَ مذكَّر.
قَالَ: وَقَالَ غيرُه: الرُّوحُ هُوَ الّذي بِهِ الْحَيَاة، والنَّفْسُ هِيَ الَّتِي بهَا العَقْل، فَإِذا نَام النائمُ قَبَض اللَّهُ نفسَه وَلم يَقبض رُوحَه، وَلَا يقبَض الرُّوحُ إلاّ عِنْد المَوْت.
قَالَ: وسمِّيَت النَّفْس نَفْساً لتولُّد النَّفَس مِنْهَا، واتصاله بهَا، كَمَا سمَّوا الرُّوح رُوْحاً، لأنّ الرَّوْحَ مَوْجُود بِهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي فِي قَوْله: {تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلَا أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ} (الْمَائِدَة: ١١٦) ، أَي: تعلم مَا فِي نَفسِي وَلَا أعلم مَا فِي غيبك.
وَقَالَ غَيره: تعلم مَا عِنْدِي وَلَا أعلم مَا عنْدك.
وَقَالَ أهل اللُّغَة: النَّفس فِي كَلَام الْعَرَب على جهين:
أَحدهمَا: قَوْلك: خرجت نفس فلَان، أَي: روحه.
وَيُقَال: فِي نفس فلَان أَن يفعل كَذَا وَكَذَا، أَي: فِي رُوعه.
والضّرْب الآخر: معنى النَّفس حَقِيقَة الشَّيْء وَجُمْلَته.
يُقَال: قتل فلَان نَفسه، وَالْمعْنَى: أَنه أوقع الْهَلَاك بِذَاتِهِ كلهَا.
وَقَالَ الزّجّاج: لكل إنسانٍ نَفْسان: إحداهُما نَفْسُ التَّمْيِيز، وَهِي الَّتي تُفَارِقهُ إِذا نَام فَلَا يَعقِل بهَا يتوَفَّاها الله، كَمَا قَالَ جلّ وعزّ، وَالْأُخْرَى نَفْس الْحَيَاة، وَإِذا زالَتْ زالَ مَعهَا النَّفَس، والنائم يَتنفَّس.
قَالَ: وَهَذَا الفرقُ بَين تَوَفِّي نَفْس النّائم فِي النَّوْم وتَوَفِّي نَفْس الحيّ.
قَالَ: ونفْسُ الْحَيَاة هِيَ الرُّوح وحركةُ الْإِنْسَان ونُمُوُّه يكون بِهِ.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: النَّفْسُ: العَظَمة والكِبْر. والنَّفْسُ: الْعِزَّة. وَالنَّفس: الهِمّة. والنَّفْسُ: الأنفة. والنَّفْس: عَينُ الشَّيْء، وكُنْهُه وجَوهَرُه. والنفسُ: العينُ الّتي تُصيب المَعينَ. والنفسُ: الدّم. والنَّفْس: قَدْرُ دَبْغة. والنَّفْس: الماءُ.
وَقَالَ الرّاجز:
أتجعَلُ النفسَ الّتي تُدِيرُ
فِي جِلْدِ شاةٍ ثمّ لَا تَسِيرُ
والنَّفْسُ: العِنْدُ، وَمِنْه قَوْله جلّ وَعز: {تَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِى وَلَا أَعْلَمُ مَا فِى نَفْسِكَ} (الْمَائِدَة: ١١٦) ، قَالَ: والنَّفْس: الرُّوح.