وَقد استرختْ تَفارِيقُه ونَدِيَ قيل: بَلَحٌ سَد، مِثل عَمٍ، والواحدة سَدِية، وَقد أَسْدَى النخلُ. والتُّفْروق: قِمَع البُسْرة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: السادي الَّذِي يبيت حَيْثُ أَمْسَى؛ وَأنْشد:
بَات على الخَلِّ وَمَا باتت سُهدَى
وَقَالَ:
ويأمن سادِينا وَينساح سَرحُنا
إِذا أزَل السادي وهَيت المطلَعْ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ السَّدَى والواحدةُ سَداة.
وَقَالَ شمِر: هُوَ السدَى والسداء ممدودٌ البَلَح بلُغة أهل الْمَدِينَة.
وَأنْشد الْمَازِني لرؤبة:
نَاجٍ يُعنَيهن بالإبعاط
والماءُ نَضَّاح من الآباط
إِذا استدَى نَوّهن بالسّياط
قَالَ: الإبعاط والإفراط وَاحِد. إِذا استدى: إِذا عرق، وَهُوَ من السدَى وَهُوَ الندَى. نَوهن: كأنهن يدعونَ بِهِ ليضربن. وَالْمعْنَى: أَنَّهُنَّ يكلّفْن من أصحابهن ذَلِك، لِأَن هَذَا الْفرس يسبقهن فَيضْرب أَصْحَاب الْخَيل خيلهم لتلحقه.
وَقَول الله تَعَالَى: {فَأَوْلَى أَيَحْسَبُ الإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ} (الْقِيَامَة: ٣٦) ، قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَن يُترَك غيرَ مَأْمُور وَلَا مَنهي.
قلتُ: السُّدَى: المُهمَل.
ورَوى أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: أَسدَيْت إِبِلي إسداءً: إِذا أهمَلْتَها، وَالِاسْم السُّدَى. وَيُقَال: تَسدَّى فلانٌ الأمرَ: إِذا عَلاه وقَهَره. وتَسدّى فلانٌ فلَانا: أَخَذَه من فَوْقه، وتَسدَّى الرجلُ جاريتَه: إِذا عَلاها، وَقَالَ ابْن مُقبِل:
أَنَّى تَسَدَّيْتِ وَهنا ذَلِك البِينَا
يصفُ جَارِيَة طرقَه خيالُها من بُعْد، فَقَالَ لَهَا: كَيفَ عَلَوْت بعد وَهْن من اللَّيل ذَلِك الْبَلَد.
وَفِي الحَدِيث: أَنه كتب ليهود تيْماء أَن لَهُم الذّمة، وَعَلَيْهِم الْجِزْيَة بِلَا عَداءٍ، النهارُ فقرمَدَى، وَاللَّيْل سُدَى. والسُّدَى: التّخليةُ. والمدّى: الْغَايَة أَرَادَ أَن لَهُم ذَلِك أبدا مَا كَانَ اللَّيْل وَالنَّهَار.
دسا: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَسا فلانٌ يَدْسوه دسوةً، وَهُوَ نقيضُ زَكَا يَزكو زَكَاة، وَهو داسٍ لَا زَاكٍ، ودَسَى نَفسه. قَالَ: ودَسِيَ يَدْسَى لُغَة، ويَدْسو أَصوب.
ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: دسا: إِذا استَخفَى.
قلت: وَهَذَا يَقرُب ممّا قَالَه اللَّيْث، وأحسَبُهما ذهبَا إِلَى قَلْب حرف التَّضْعِيف يَاءً، واعتَبَر اللَّيْث مَا قَالَ فِي دَسَا من قَول الله جلّ وعزّ: {للهوَتَقْوَاهَا قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن} (الشَّمْس: ٩، ١٠) . وَقد بيّنتُ فِي مُضاعف السّين أَن دَسّاها فِي الأَصْل دَسّسَها، وَأَن السِّيناتِ توالت فقُلبَتْ إحداهُن يَاء، وَأما دَسَا غير