فَقَالَ: لأضعنّ فِي حشاكَ مشقصاً عِوَضاً يَا أُويْس من غنيمتك الَّتِي غَنِمْتَها من غنمي.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ فِي المُواساة واشتقاقها قَولَانِ: أَحدهمَا أنّها من آسى يؤاسي، من الأُسْوَة، وَهِي القُدْوَة.
وَقيل: إِنَّهَا (من) أَساهُ يَأسُوه: إِذا عالجه ودَاواه.
وَقيل: إِنَّهَا من آس يؤوس: إِذا عاضَ فأَخَّرَ الْهمزَة وليَّنها، ولكلَ مقَال.
قَالَ أَبُو بكر فِي قَوْلهم: (مَا يؤاسي فلَان فلَانا) ثَلَاثَة أَقْوَال:
قَالَ الْمفضل بن مُحَمَّد: مَعْنَاهُ: مَا يُشارك فلَان فلَانا. والمؤاساة: الْمُشَاركَة. وَأنْشد:
فَإِن يَك عبد الله آسى ابْن أمه
وآبَ بأسلاب الكَميّ المغاور
وَقَالَ المؤرِّج: مَا يواسيه، مَا يُصِيبهُ بِخَير.
من قَول الْعَرَب: آسِ فلَانا بِخَير، أَي: أصبْه.
وَقيل: مَا يُعوضه من مودته، وَلَا قرَابَته شَيْئا، مَأْخُوذ من الْأَوْس، وَهُوَ الْعِوَض.
قَالُوا: وَكَانَ فِي الأَصْل مَا يُؤاوسه، فقدموا السِّين وَهُوَ لَام الْفِعْل، وأخروا الْوَاو وَهِي عين الْفِعْل، فَصَارَ يواسُوا؛ فَلَمَّا لم تحْتَمل الْوَاو الْحَرَكَة سكنوها وقلبوها يَا، لانكسار مَا قبلهَا، وَهَذَا من المقلوب.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون غير مقلوب، فَيكون تفَاعل من أسَوْت الْجرْح.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبَيدة: الآسُ: بقيّة الرّماد بَين الأثافيِّ، وَأنْشد:
فَلم يَبْقَ إلاّ آلُ خيْمٍ منضَّدٍ
وسُفْعٌ على آسٍ ونُؤْيٌ مُعَثْلَبُ
(وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الآسُ: أَن يمُرَّ النّحل فَيسْقط مِنْهَا نقط من الْعَسَل على الْحِجَارَة فيُسْتدل بذلك عَلَيْهَا) .
وَقَالَ اللَّيْث: الآسُ: شجرةٌ وَرقهَا عَطَر.
قَالَ: والآسُ: العسلُ. والآسُ: القَبْر. والآسُ: الصاحب.
قلتُ: لَا أعرف الآسَ بِهَذِهِ الْمعَانِي من جهةٍ تصحّ، وَقد احتجّ الليثُ لَهَا بشعرٍ أَحْسبهُ مصنوعاً:
بانتْ سُلَيْمَى فالفؤاد آسى