وَقَالَ الأصمعيّ: أَخْبرنِي عِيسَى بنُ عمر عَن أبي الْأسود الدؤليّ أَن فلَانا إِذا سُئِل أَرز، وَإِذا دُعيَ اهتزّ.
يَقُول: إِذا سُئل المعروفَ تضَامّ، وَإِذ دُعِي إِلَى طعامٍ أسرَع إِلَيْهِ.
وَقَالَ زهيرٌ يصف نَاقَة:
بآرزة الفَقارة لَم يَخنهَا
قِطَافٌ فِي الرِّكاب وَلَا خِلَاءُ
وَقَالَ: الآرِزة: الشَّدِيدَة الْمُجْتَمع بَعْضهَا إِلَى بعض.
قلت: أَرَادَ أنّهَا مُدْمَجة الفَقار متداخِلَته، وَذَلِكَ أشدّ لظهرها.
وَفِي حديثٍ آخر: أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: (مثل الْكَافِر كَمثل الأرْزة المجدِبة على الأَرْض حَتَّى يكون انجعافها مرّة واحدةٌ) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: وَهِي الأَرزة بِفَتْح الرَّاء من الشّجر الأرْزنِ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ أَبُو عُبَيْدَة.
قَالَ أَبُو سعيد: وَالْقَوْل عِنْدِي غيرُ مَا قَالَا، إِنَّمَا هُوَ الأرْزَة بِسُكُون الرَّاء وَهِي شجرةٌ معروفةٌ بِالشَّام تسمى عندنَا الصَّنَوْبَرَ، من أجْلِ ثمره.
وَقد رأيتُ هَذَا الشّجر يسمَّى الأرْز واحدتُهَا أَرْزة، وَتسَمى بالعراق الصَّنَوْبر، وَإِنَّمَا الصَّنَوْبر ثمرُ الأرْز فسمِّي الشجرُ صنوبراً من أجل ثمره.
أَرَادَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن الْكَافِر غير مُرَزَّءٍ فِي نَفسه ومالِه وأهلِه وولدِه حَتَّى يَمُوت، فشبّه مَوته بانجعاف هَذِه الشَّجَرَة من أصلِها حَتَّى يلقى الله بذنوبه حامّة.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الأرْز أَيْضا: أَن تتدخل الحيةُ جُحرها على ذَنبها؛ فآخر مَا يبْقى مِنْهَا رَأسهَا فَيدْخل بعدُ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الْإِسْلَام خرج من الْمَدِينَة فَهُوَ ينْكص إِلَيْهَا حَتَّى يكون آخِره نكوصاً كَمَا كَانَ أَوله خُرُوجًا. وَإِنَّمَا تأرِز الْحَيَّة على هَذِه الصّفة، إِذا كَانَت خائفة، وَإِذا كَانَت آمِنَة فتبدأ بِرَأسها فتدخله، وَهَذَا هُوَ الانمحار.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الليلةُ الآرِزة: الْبَارِدَة، وَقد أَرَزتْ تأرزُ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ أَنه سُئل أعرابيٌّ عَن ثَوْبَيْنِ لَهُ فَقَالَ: إِذا وجدتُ الأرِيزَ لبسْتُهما.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: يومٌ أَرِيزٌ: إِذا اشتدّ بَرْدُه.
قَالَ: والأرِيزُ والحَلْيت شبهُ الثَّلج يَقع بِالْأَرْضِ.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) يُقَال: رأيتُ أَرِيزته وأَرَائِزَه تَرْعُد. وأَريزة الرجل: نفسُه. وأَريزة القومِ: عميدُهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رَازَ فلانٌ فلَانا إِذا عايَبَه، ورازهُ إِذا اختَبره ورَازَاه إِذا قَبِل بِرّه.
قلتُ: قَوْله: رَازاه: إِذا اختَبَره مقلوبٌ،