وتَارَةً يَنْتهِسُ الطَّفاطِفَا
قَالَ: وبعضُ العَرَب يَجعل كلَّ لَحم مضطرِب طفْطَفة. وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
قليلٌ لَحمُها إلاّ بقايا
طَفاطِفِ لَحْمِ مَنْحُوصٍ مَشِيقِ
وَفِي حَدِيث ابْن عمر: أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سَبَّقَ بينَ الخيلِ فطفَّفَ بِي الفَرَسُ مسجَد بني زُرَيق. قَالَ أَبُو عُبيد: يَعْنِي أنّ الْفرس وَثَب حتّى كَاد يُساوِي الْمَسْجِد، وَمن هَذَا قيل: إناءٌ طَفّان، وَهُوَ الّذي قَرُب أَن يَمتلىءَ ويُساوِي أَعلَى المِكْيال، وَمِنْه التَّطفيف فِي الكَيْل.
وَفِي حَدِيث آخر: (كلُّكم قريبُ بَنو آدمَ طَفُّ الصّاع لصاع) ، أَي: كلُّكم قريبٌ بعضُكم من بعض، لأنّ طَفَّ الصّاع قريبٌ من ملْئِه، (فَلَيْسَ لأحد فضلٌ على أحدٍ إلاّ بالتقوى) ، ويُصدِّق هَذَا قولَه: (الْمُسلمُونَ تتكافَأُ دِمَاؤُهُمْ) . والتّطفيف فِي المِكْيال: أَن يَقرُب الإناءُ من الامتلاء. يُقَال: هَذَا طَفُّ المِكْيال وطِفافُه.
أَبُو زيد: أَطَلَّ على مالِه وأَطَفَّ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ: أنّه اشتَمَل عَلَيْهِ فَذَهب بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ الطَّفْطَفة والطِّفْطِفة، والْخَوشُ والصُّقْل والسولا والأفَقَة: كلُّه الخاصرة.
ابْن هانىء عَن أبي زيد: خُذ مَا طَفَّ لَك وَمَا استَطَفّ، أَي: مَا دَنَا وقَرُب. وَالله أعلم انْتهى.
(بَاب الطَّاء وَالْبَاء)
(ط ب)
طب بط: (مستعملة) .
طب: قَالَ أَبُو عبيد فِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أنّه احتَجَم بقَرْن حينَ طُبَّ) .
قَالَ أَبُو عبيد: طُبَّ، أَي: سُحِر، يُقَال مِنْهُ: رجلٌ مَطْبوب. ونرى أنّه إنّما قيل لَهُ: مَطْبوب لأنّه كُنِيَ بالطِّبّ عَن السِّحْر، كَمَا كَنَوْا عَن اللَّديغ فَقَالُوا: سَلِيم، وَعَن الفَلاةِ وَهِي مَهْلَكة فَقَالُوا: مَفازَة، تَفاؤلاً بالفَوْز والسلامة.
قَالَ: وأصلُ الطَّبِّ: الحِذْقُ بالأشْياء والمَهارةُ بهَا، يُقَال: رجُل طَبٌّ وطَبيب: إِذا كَانَ كَذَلِك، وَإِن كَانَ فِي غير علاج المَرَض، قَالَ عنترة يُخَاطب امْرَأَة:
إنْ تُغْدِ فِي دَونِي القِناعَ فإِنّنِي
طَبٌّ بأَخْذ الفارِسِ المُسْتلئِم
وَقَالَ عَلقمة بن عَبَدة:
فَإِن تَسأَلوني بالنِّساء فَإِنِّي
بصيرٌ بأدْواءِ النِّساء طَبيبُ
بِالنسَاء، أَي: عَن النِّسَاء.
ابْن السكّيت: فلَان طَبٌّ بِكَذَا وَكَذَا، أَي: عالمٌ بِهِ وفَحْلٌ طَبٌّ: إِذا كَانَ حاذِقاً بالضِّراب، قَالَ: والطِّبُ: السِّحْر، وَيُقَال: مَا ذَاك بِطَبِّي، أَي: بدَهْرِي، وأَنشَد:
إنْ يَكُن طِبُّكِ الزَّوَالَ فَإِن الْ