عَوَاصِيَ إِلَّا مَا جَعَلْتُ وَرَاءَهَا
عَصَا مِرْبَدٍ تَغْشى نُحُوراً وأَذْرُعا
قَالَ: يَعْنِي بالمِرْبَد هَهُنَا عَصاً جعلهَا مُعْتَرضةً على الْبَاب تمنع الْإِبِل من الْخُرُوج سَمَّاهَا مِرْبداً، لهَذَا.
قلت: وَقد أنكر غَيره مَا قَالَ، وَقَالَ: أَرَادَ عَصاً مُعترضةً على بَاب المِربد، فأضاف الْعَصَا المعترضة إِلَى المِرْبد، لَيْسَ أَن الْعَصَا مِرْبَدٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: والمِرْبد أَيْضا مَوضِع التَّمْر مثل الجَرِين، فالمِربد بلغَة أهل الْحجاز، والجرينُ لَهُم أَيْضا، والأنْدَرُ لأهل الشَّام، والبَيْدَرُ لأهل الْعرَاق.
وَقَالَ غَيره: الربْدُ الحبْس.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّابِدُ الخازن، والرّابدةُ الخازنة.
وروى عَمْرو عَن أَبِيه: رَبدَ الرجلُ إِذا كنز التمرَ فِي الرَّبَائِد وَهِي الكُراخات.
دبر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه قَالَ: ثلاثةٌ لَا تُقبل لَهُم صلاةٌ، رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، وَرجل اعْتَبَدَ مُحَرَّراً، وَرجل أمَّ قوما هم لَهُ كَارِهُون) .
قَالَ الأفريقيُّ وَهُوَ الَّذِي روى هَذَا الحَدِيث: معنى قَوْله دِباراً بَعْدَمَا يفوت الْوَقْت.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي قَوْله: دِباراً جمع دَبْر ودَبَر: وَهُوَ آخر أوقاتِ الشَّيْء، الصلاةِ وغيرِها. وَمِنْه الحَدِيث الآخر: (وَلَا يَأْتِي الصَّلَاة إِلَّا دَبَرِيّا) .
قَالَ وَالْعرب تَقول: الْعلم قَبْلِيُّ وَلَيْسَ بالدَّبَرِيِّ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَعْنَاهُ أَن العالِم المُتْقِنَ يُجِيبُك سَريعاً، والمُتَخَلِّفَ يَقُول: لي فِيهَا نظر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: شرُّ الرَّأي الدَّبَرِيُّ أَي شرّه إِذا أَدبَر الْأَمر وفاتَ، قَالَ: ودُبُر كل شَيْء خِلاف قُبُله فِي كل شَيْء، مَا خلا قَوْلهم: جَعَل فلانٌ قولَك دَبْر أُذنِه أَي خَلْفَ أُذُنه.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُّنتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (الْقَمَر: ٤٥) كَانَ هَذَا يومَ بدر، وَقَالَ: الدُّبُر فوحَّد وَلم يقل الأدبار، وكل جائزٌ صوابٌ، يُقَال: ضربنا مِنْهُم الرؤوس وضربنا مِنْهُم الرأْس، كَمَا تَقول: فلَان كثيرُ الدِّينَار وَالدِّرْهَم.
وَقَالَ ابْن مقبل:
الكاسرينَ القَنَا فِي عَوْرةِ الدُّبُرِ
وَقَالَ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ} (ق: ٤٠) ، وَمن قَرَأَ بِفتح الْألف جَمع على دبُرٍ وأدبار، وهما الركعتان بعد الْمغرب.
وَرُوِيَ ذَلِك عَن عليّ بن أبي طَالب قَالَ وَأما قَوْله: {فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ} (الطّور: ٤٩) فِي سُورَة الطّور فهما الركعتان قبل الْفجْر