(الْأَنْبِيَاء: ١٠١، ١٠٢) فَهَذَا وَالله أعلم دَلِيل على أَن أهل الْحسنى لَا يدْخلُونَ النَّار، وَفِي اللُّغَة: وَرَدْتُ بَلَدَ كَذَا وماءَ كَذَا إِذا أشرفَ عَلَيْهِ دخله، أَو لم يدْخلهُ قَالَ زُهَيْر:
فلمَّا وَرَدْن المَاء زُرْقاً جِمامُهُ
وَضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِر المُتَخَيِّم
الْمَعْنى لما بلغن المَاء أَقَمْنَ عَلَيْهِ، فالوُرودُ بِإِجْمَاع لَيْسَ بدخولٍ، فَهَذِهِ الرِّوَايَات فِي هَذِه الْآيَة وَالله أعلم، وَقَوله جلّ وعزّ: {نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ} (ق: ١٦) عِرْقٌ تَحت اللِّسَان، وَهُوَ فِي الَعضُد فَلِيقٌ، وَفِي الذِّرَاع، الأكْحَلُ، وهما فِيما تَفَرَّق من ظَهْر الكَفِّ الأَشَاجِعُ، وَفِي بطن الذِّرَاع الرَّواهِشُ، وَيُقَال: إِنَّهَا أربعةُ عُروق فِي الرَّأْس، فَمِنْهَا اثْنَان يَنْحَدِران قُدام الأُذنين، وَمِنْهَا الوريدان فِي العُنق، قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الوَرِيدانِ بِجَنْبِ الوَدَجَيْن، والوَدَجَانِ عِرْقان غَلِيظان عَن يمينِ ثُغْرَةِ النَّحر ويَسارِها، قَالَ: والوريدان يَنْبِضَان أبدا من الْإِنْسَان، وكل عِرْق يَنْبِض فَهُوَ من الأوْرِدة الَّتِي فِيهَا مَجْرى الحياةِ، والوَرِيدُ من الْعُرُوق مَا جرى فِيهِ النَّفَس وَلم يَجرِ فِيهِ الدَّم، والجداول الَّتِي فِيهَا الدِّمَاء كالأكحل والأبْجل والصَّافِن، وَهِي الْعُرُوق الَّتِي تُفْصَدُ، وَقَالَ اللَّيْث: الوِرْدُ من أَسمَاء الحُمَّى والوِرْد وَقْتُ يومِ الوِرْدِ بَيْنَ الظِّمْأَيْنِ، والمصدرُ الْوُرُود، والوِرْد اسمٌ مِنْ وَرْدَ يَوْمِ الوِرد، وَمَا وَرَدَ من جمَاعَة الطير وَالْإِبِل، وَمَا كَانَ فَهُوَ وِرْدٌ، تَقول: وَرَدَتْ الإبلُ وَالطير هَذَا المَاء وِرْداً وَوَرَدَتْه أَوْرَاداً وَأنْشد:
كَأَوْرَادِ القطا سَهْلَ البِطاحِ
وَإِنَّمَا سُمِّيَ النَّصِيب من قِرَاءَة الْقُرْآن وِرْداً من هَذَا، وَيُقَال: أَرْنَبَةٌ وَاردةٌ إِذا كَانَت مُقْبِلةً على السَّبَلَة، وَقَالَ غَيره: فلَان وارِدُ الأَرْنَبَةِ إِذا كَانَ طويلَ الأنْفِ، وكلُّ طويلٍ وَارِدٌ، وشَعَرٌ وارِدٌ، وطَويل وَالْأَصْل فِي ذَلِك: أنّ الأنفَ إِذا طَال يصل إِلَى المَاء إِذا شَرِب بفيهِ لِطوله، والشَّعَرُ من الْمَرْأَة يَرِدُ كَفَلها، وشجرة واردةُ الأغصان إِذا تَدَلَّتْ أَغْصانُها، وَقَالَ الرَّاعِي يصف نخلا أَو كَرْماً فَقَالَ:
تُلْفَي نَواطِيرَهُ فِي كلِّ مَرْقَبَةٍ
يَرْمُون عَن واردِ الأفنان مُنْهَصِر
أَي يرْمونَ الطيرَ عَنهُ، وَيُقَال: ورّدت المرأةُ خَدَّها إِذا عالجتْه بِصِبْغ القطْنَةِ المصبُوغَةِ، وَقَالَ أَبُو سعيد يُقَال: مَا لَك تَوَرَّدَنِي أَي تَقَدَّمُ عليّ، وَفِي قَول طرفَة:
كَسِيدِ الغَضَى نَبَّهْتَهُ المُتَوَرِّدِ
هُوَ المُتَقَدِّم على قِرْنه الَّذِي لَا يَدْفَعه شَيْء.
وعَشِيَّة وَرَدةٌ، إِذا احمر أُفُقُها عِند غرُوب الشَّمْس، وَكَذَلِكَ عِنْد طُلُوع الشَّمْس،