قلت: لأنظرَنَّ الْآن إِلَى عَمَله، فَلم يزلْ على وَتِيرَةٍ وَاحِدَة إِلَى أَن مَاتَ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الوَتِيرةُ المداوَمةُ على الشَّيْء، وَهُوَ مَأْخُوذ من التَّواتُر والتَّتابُع، قَالَ: والوَتِيرَةُ فِي غير هَذَا: الفَتْرَةُ عَن الشَّيْء والعَمَل.
وَقَالَ زُهَيْر يصف بقرة:
فِي حُضْرها نَجَاءٌ مُجِدٌ لَيْسَ فِيهِ وَتِيرَة
وتذبيبُها عَنْهَا بأَسْحَمَ مِذْوَدِ
قَالَ: والوَتيرة أَيْضا غُرَّةُ الْفرس إِذا كَانَت مُستديرة فَإِذا طالتْ فَهِيَ الشادِخةُ، قلت: شُبِّهتْ غُرَّةُ الْفرس إِذا كَانَت مُستديرة بالحَلْقَةِ الَّتِي يُتَعَلَّم عَلَيْهَا الطعْن، يُقَال لَهَا الوَتيرةُ.
وَقَالَ الشَّاعِر يصف فرسا:
تُبَارِي قُرْحةً مِثلَ ال
وتيرةِ لم تكن مَغْدَا
والمغْدُ النَّتْفُ، يَقُول: هَذِه القُرْحَةُ خِلْقةٌ لم تُنْتَف فَتَبْيَضَّ وَقَوله:
فَذَاحَتْ بالوَتَائِر ثمَّ بَدَّتْ
يدَيْها عِنْدَ جَانِبِه تَهيلُ
ذاحَتْ يَعني: ضَبُعاً نَبَشَتْ عَن قَبْرِ قَتيلٍ.
وَقَالَ أَبُو عمر: الوتائِر هَهُنَا مَا بَين أَصَابِع الضَّبُع.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الوَتِيرةُ من الأَرْض وَلم يَحُدُّها.
قَالَ أَبُو مَالك: الوتيرة الوردة الْبَيْضَاء، والوتيرة الوردة الصَّغِيرَة.
ابْن السّكيت: قَالَ يُونُس: أهل الْعَالِيَة يَقُولُونَ: الوِتْرُ فِي الْعدَد والوَتْرُ فِي الذَّحْل، قَالَ: وتميمٌ تَقول: وِتْرٌ بِالْكَسْرِ فِي الْعدَد وَفِي الذَّحْل سَوَاء.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ} (الْفجْر: ٣) قَرَأَ حَمْزَة وَالْكسَائِيّ (والوِتر) بِالْكَسْرِ، وَقَرَأَ عَاصِم وَنَافِع وَابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر، (والوَتْر) بِفَتْح الْوَاو، وهما لُغتان مَعْروفتان: وِتْر وَوَتْرٌ فِي العَدَد.
ورُوِي عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: الوِتر آدمُ، والشَّفْعُ شُفِعَ بِزَوْجَتِهِ، وَقيل الشفع: يومُ النَّحْر، والوِترُ يومُ عَرَفَة، وَقيل: الأعدادُ كلهَا شَفْعٌ وَوِتْر كثرتْ أَو قَلَّتْ، وَقيل الوِتْر: الله الْوَاحِد، والشَّفع جميعُ الْخلق خُلِقوا أَزْوَاجًا وَهُوَ قَول عَطاء.
ابْن السّكيت: كَانَ الْقَوْم وِتراً فشفعتُهم، وَكَانُوا شفعاً فوترتُهم.
ورُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (إِذا استجمرتَ فأوْتِرْ) أَي استَنْجِ بثلاثةِ أَحْجَار أَو خمسةٍ أَو سبْعةٍ وَلَا تَسْتَنْجِ بالشَّفْع؛ وَكَذَلِكَ يُوتِر الْإِنْسَان صلاةَ اللَّيْل فيُصلي مَثْنَى مَثْنَى ويُسَلِّم بَين كل رَكْعَتَيْنِ، ثمَّ يُصلِّي فِي آخرهَا رَكْعةً تُوتر لَهُ مَا قد صلى فأوتروا يَا أهل الْقُرْآن.