الْفراء وأجودهما فِي الْعَرَبيَّة وَمَعْنَاهُ: جعلك مُعْتَدِلاً مُعْدَّلَ الخَلْق. قَالَ: واخترتُ (عَدّلك) ؛ لِأَن (فِي) للتركيب أقوى فِي العربيِّة من أَن تكون (فِي) للعَدْلِ؛ لِأَنَّك تَقول: عَدَلْتُكَ إِلَى كَذَا وصَرفتُك إِلَى كَذَا. وَهَذَا أَجود فِي الْعَرَبيَّة من أَن تَقول: عَدلتك فِيهِ وصرفتك فِيهِ.
قلت: وَقد قَالَ غير الفرّاء فِي قِرَاءَة مَن قَرَأَ: {فَسَوَّاكَ} بِالتَّخْفِيفِ: إِنَّه بِمَعْنى: فسوّاك وقوّمك، من قَوْلك: عَدلتُ الشَّيْء فاعتدل أَي سوّيتهُ فَاسْتَوَى.
وَمِنْه قَوْله:
وعَدَلْنَا مَيْل بَدْرٍ فاعْتَدَل
أَي قوّمناه فاستقام. وَقَرَأَ عَاصِم وَالْأَعْمَش بِالتَّخْفِيفِ {فَسَوَّاكَ} ، وَقَرَأَ نافِع وَأهل الْحجاز. {} (فَعَدَّلَكَ) بِالتَّشْدِيدِ. وَقَوله: {أَو عَدْلُ ذالِكَ صِيَاماً} (الْمَائِدَة: ٩٥) قَرَأَهَا الْكسَائي وَأهل الْمَدِينَة بِالْفَتْح، وَقرأَهَا ابْن عَامر بِالْكَسْرِ: (أَو عِدْلُ ذَلِك صياما) وَقَالَ اللَّيْث: العَدْل من النَّاس: المرضِيّ قولُه وحُكمه. قَالَ: وَتقول إِنَّه لعَدْلٌ بيّن العَدْل والعَدَالة. قَالَ: والعَدْلُ: الحُكم بالحقّ. يُقَال هُوَ يقْضِي بالحقّ ويعدل وَهُوَ حَكَم عَادلٌ: ذُو مَعْدَلةٍ فِي حكمه وَقَالَ شمر: قَالَ القُزْملي: سَأَلت عَن فلانٍ العُدَلَة أَي الَّذين يُعَدُّلُونَه. وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال رجل عُدَلَة وَقوم عُدَلَة أَيْضا وهم الَّذين يزكّون الشُّهُود. وَقَالَ يُونُس: جَائِز أَن يُقَال: هما عَدْلَان وهم عُدُول، وَامْرَأَة عَدْلة. وَقَالَ الكلابيون: امْرَأَة عَدْلٌ وقومٌ عُدُل. وَقَالَ يُونُس عَن أبي عَمْرو: الجيّد امرأةٌ عَدْلٌ، وقومٌ عَدْلٌ، ورجلٌ عَدْلٌ. وَقَالَ الباهليّ: رجلٌ عَدْل وعَادِل: جَائِز الشَّهَادَة. وَامْرَأَة عَادِلة: جَائِزَة الشَّهَادَة. وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال عَدَلت الجُوَالق على الْبَعِير أعدِله عَدْلاً يُحمل على جَنْب الْبَعِير ويُعْدَل بآخر. وَفِي الحَدِيث: (مَن شرب الْخمر لم يقبل الله مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عَدْلاً أَرْبَعِينَ لَيْلَة) . قَالَ بَعضهم: الصَرْف الْحِيلَة. والعَدل: الفِدْية. قَالَ يُونُس بن عُبَيد: الصّرْف الْحِيلَة، وَيُقَال مِنْهُ فلَان يتصرّف أَي يحتال. قَالَ الله عز وَجل: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلَا نَصْراً} (الْفرْقَان: ١٩) وَقَالَ ابْن عَبَّاس: الصَرْف: الدِية، والعَدْلُ: السَّوِيَّة، وَقَالَ شمر: أَخْبرنِي ابْن الحَرِيش عَن النَّضر بن شُمَيْل قَالَ: العَدْلُ: الْفَرِيضَة. وَالصرْف: التطوّع. وَقَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله تَعَالَى: {ثْمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} (الْأَنْعَام: ١) أَي يُشركون. وَقَالَ الْأَحْمَر: عَدَل الْكَافِر بربه عَدْلاً وعُدُولاً إِذا سَوَّى بِهِ غَيره فعَبَدَهُ. وَقَالَ الْكسَائي: عَدَلت الشَّيْء بالشَّيْء أعدِله عُدُولاً إِذا ساويته بِهِ. وعَدل الحاكِم فِي الحكم عَدْلاً. وَقَالَ شمر: أما قَول الشَّاعِر:
أفذَاكَ أم هِيَ فِي النَجَا
ء لمن يُقَاربُ أَو يُعَادِلْ
يَعْنِي: يُعَادِل بَين نَاقَته والثَوْر، قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي المعادلة: الشكّ فِي الْأَمريْنِ وَأنْشد:
وَذُو الهمّ تُعْديه صَرَامَةُ هَمِّهِ
إِذا لم تُمَيّثْهُ الرُّقَى ويُعَادِل