مَصيره إِلَيْهِ، كَمَا أنّ الْفرس وَإِن أُرْخي لَهُ طِوَلُه فإنَّ مَصيره إِلَى أَن يَثْنيه صاحبُه، إِذْ طَرَفه بِيَدِه.
وَيُقَال: رَبَّق فلانٌ أَثناء الحَبْل، إِذا جَعل وَسَطه أَرْباقاً، أَي نُشَقاً للشاء يُنْشَق فِي أَعْناق البَهْم.
وأَثناء الحَيّة: مَطاوِيها إِذا تَحوَّت.
وأَثناء الوِشَاح: مَا انْثَنى مِنْهُ؛ وَمِنْه قَوْله:
تَعَرُّض أَثناء الوِشَاح المُفَصَّل
أَبُو عُبيد: يُقَال للَّذي يَجِيء ثَانِيًا فِي السُّؤدد وَلَا يَجِيء أَولا: ثِنًى، مَقصور، وثُنْيَان، وثِنْي، كل ذَلِك يُقَال: قَالَ أَوْس ابْن مَغْراء:
تَرى ثِنَانَا إِذا مَا جَاءَ بَدأَهمُ
وبَدْؤُهم إِن أَتَانَا كَانَ ثُنْيَانَا
يَقُول: الثَّانِي منّا فِي الرّياسة يكون فِي غَيرنَا سَابِقًا فِي السُّؤدد، والكامل فِي السُّؤدد من غَيرنَا ثِني فِي السّؤدد عندنَا، لفَضْلنا على غَيرنَا.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ: (لَا ثِنًى فِي الصّدقة) ، مَقصورٌ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: يَعْنِي أَنه لَا تُؤْخَذ الصَّدقة فِي السّنة مرّتين.
قَالَه الْأَصْمَعِي والكسائيّ؛ وَأنْشد أَحدهمَا:
أفِي جَنْبِ بكْرٍ قَطَّعَتْني مَلَامَةً
لَعَمْرِي لقد كَانَت مَلَامتُها ثِنَى
أَي لَيْسَ هَذَا بِأول لومها، قد فَعَلَتْهُ قبل هَذَا، وَهَذَا ثِنًى بعده.
قَالَ أَبُو سَعيد: لسنا نُنكر أنَّ (الثِّنى) إِعَادَة الشَّيْء مرّةً بعد مرّة، وَلكنه لَيْسَ وَجه الْكَلَام وَلَا معنى الحَدِيث، وَمَعْنَاهُ: أَن يتصدّق الرّجل على آخر بصدَقة ثمَّ يَبدو لَهُ فيُريد أَن يسترِدَّها، فَيُقَال: لَا ثِنًى فِي الصَّدقة، أَي لَا رُجُوع فِيهَا، فَيَقُول المتصدَّق عَلَيْهِ: لَيْسَ لَك عليَّ عُصْرَةُ الْوَالِد، أَي لَيْسَ لَك رُجوع كرجوع الْوَالِد فِيمَا يُعْطي وَلَده.
أَبُو عُبَيد، عَن الْأَصْمَعِي: ناقةٌ ثِنْيٌ، إِذا وَلَدَت بَطنا وَاحِدًا.
وَيُقَال فِيهِ أَيْضا: إِذا وَلدت بطَنين؛ قَالَ لَبيد:
ليَالِي تَحت الخِدْر ثِنْيُ مُصِيفة
من الأُدْمِ تَرْتَادُ الشُّرُوجَ القَوابِلا
قَالَ: ولدُهما الثَّانِي: ثِنْيُها.
قلت: وَالَّذِي سمعتُه من الْعَرَب: يَقُولُونَ للناقة إِذا وَلَدت أوّل وَلد تَلده، فَهِيَ بِكْر؛ وَوَلدهَا أَيْضا بِكرها. فَإِذا وَلدت الْوَلَد الثَّانِي، فَهُوَ ثِنْيٌ؛ ووَلدُها الثَّانِي ثِنْيُها. وَهَذَا هُوَ الصّحيح.
وأخبَرني المنذريّ، عَن أبي الْهَيْثَم، قَالَ: