قَالَ: والرِّبا؛ رَبَوان:
فالحرامُ كُلّ قَرْض يُؤْخذ بِهِ أَكثر مِنْهُ، أَو تجرُّ بِهِ مَنْفعة، فَحَرَام.
وَالَّذِي لَيْسَ بِحرَام أَن يَهبه الْإِنْسَان يَسْتَدعي بِهِ مَا هُوَ أَكثر، أَو يُهدي الهَدِيَّة لِيُهدَى لَهُ مَا هُوَ أكثرُ مِنْهَا.
وَقَالَ الْفراء: قرىء هَذَا الْحَرْف (لِيَربُوَ) بِالْيَاءِ، ونَصْب الْوَاو.
قَرَأَهَا عَاصِم وَالْأَعْمَش.
وَقَرَأَ أهلُ الْحجاز (لِتُرْبُوا) بِالتَّاءِ مَرْفوعة.
وكُلٌّ صَوَاب.
فَمن قَرَأَ (لِتُربوا) ، فالفِعل للْقَوْم الَّذين خُوطبوا، دلّ على نَصبها سُقوط النُّون.
وَمن قَرَأَ (لِيَرْبُوَ) مَعناه: لِيَربُو مَا أعطَيْتم من شَيْء لِتَأْخُذُوا أَكثر مِنْهُ، فَذَلِك رُبُوّه، وَلَيْسَ ذَلِك زاكياً عِنْد الله، وَمَا آتيتم من زَكَاة تُرِيدُونَ وَجه الله فَتلك تَربُو بالتَّضعيف.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة: إِن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لَهَا: (مَا لي أَرَاك حَشْيَا رابية) . أَرَادَ ب (الرَّابية) : الَّتِي أَخذهَا الرَّبو، وَهُوَ البُهْرُ، وَكَذَلِكَ الحَشْيَا.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ} (الْبَقَرَة: ٢٦٥) .
قَالَ أَبُو العبَّاس: فِيهَا ثَلَاث لُغات: رَبْوة، ورِبْوة، ورُبْوة؛ الِاخْتِيَار رُبْوة، لِأَنَّهَا أَكثر اللُّغات، وَالْفَتْح لُغة تَميم.
قلتُ: وَهِي الرّباوة، والرّابية، والرّباة، كل ذَلِك مَا ارْتفع من الأَرْض.
وَقَالَ الله تَعَالَى: {فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (الْحَج: ٥) .
وقُرىء: ورَبأت.
فَمن قَرَأَ {وَرَبَتْ} فَهُوَ من: رَبًّا يَرْبو، إِذا زَاد على أَي الْجِهَات زَاد.
وَمن قَرَأَ (وربأت) بِالْهَمْز، فَمَعْنَاه: ارْتفعت.
وَقَالَ شَمِر: الرَّابِية: مَا رَبا وارْتفع من الأَرْض.
وَجمع: الرَّبْوة: رُبًى، ورُبِيّ؛ وَأنْشد:
ولاحَ إِذْ زَوْزَى بِهِ الرُّبِيّ
وزَوْزى بِهِ، أَي انتصَب بِهِ.
وَهِي الرّباوة.
وَقَالَ ابْن شُميل: الرَّوابي: مَا أَشرف من الرَّمل، مثل الدَّكْدَاكة، غير أَنَّهَا أشدّ مِنْهَا إشرافاً، وَهِي أسهل من الدَّكْداكة، والدَّكداكة أشدّ اكتنازاً مِنْهَا وأَغْلظ.
والرّابية فِيهَا خُؤورة وإشراف، تُنْبِت أَجود البَقل الَّذِي فِي الرِّمال وَأَكْثَره، يَنْزلُها النّاسُ.
وَيُقَال: جَملٌ صَعْب الرُّبَة، أَي لَطيف الجُفْرة. قَالَه ابْن شُميل.
قلتُ: وَأَصله رُبْوة؛ وأَنشد ابْن الأعْرابي: