وَأَخْبرنِي المُنذريّ، عَن أبي العبّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: كَانَ هَاشم يُؤَلِّف إِلَى الشَّام، وَعبد شَمس يؤلِّف إِلَى الْحَبَشَة، وَالْمطلب إِلَى الْيمن، وَنَوْفَل إِلَى فَارس.
قَالَ: ويتألّفون، أَي يَسْتجيرون؛ وأَنشد أَبُو عُبيد لأبي ذُؤَيْب:
تُوصِّل بالرُّكْبان حِيناً وتُؤْلِفُ ال
جِوارَ ويُغْشِيها الأَمانَ ذِمامُها
يصفُ حُمراً أُجيرت حِيَال أَقْوام.
وَقَول الله عزّ وجلّ: {وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ} (التَّوْبَة: ٦٠) هَؤُلَاءِ قومٌ من سادة الْعَرَب أَمر الله جلّ وعزّ نبيَّه فِي أوَّل الْإِسْلَام بتألُّفهم، أَي بمُقاربتهم وإعطائهم من الصَّدقات ليُرغِّبوا مَن وَرَاءَهُمْ فِي الْإِسْلَام، وَلِئَلَّا تَحْملهم الحميَّة مَعَ ضَعف نيّاتهم على أَن يَكُونُوا إلْباً مَعَ الكُفّار على الْمُسلمين، وَقد نَفَّلهم الله يَوْم حُنَين بمئتين من الْإِبِل تألُّفاً لَهُم، مِنْهُم: الأَقرع بن حَابِس التميميّ، والعبّاس بن مِرداس السُّلميّ، وعُيَينة بن حِصنْ الفزاريّ، وَأَبُو سُفيان بن حَرب، وَصَفوَان بن أُمية.
وَقَالَ بعضُ أهل الْعلم: تألّف النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي وَقت بعضَ السَّادة من الْعَرَب بمالٍ أعطاهموه، فَلَمَّا دَخل الناسُ فِي دين الله أَفْوَاجًا وَأظْهر الله دينَه على المِلَل كلهَا أغْنى وَله الْحَمد أَن يُتألَّف كافِرٌ اليومَ بمالٍ يُعطاه. وَللَّه الْحَمد وَلَا شريك لَهُ.
والأَلف، من الْعدَد، مَعْرُوف.
وَثَلَاثَة الآلاف، إِلَى العَشرة.
ثمَّ أُلوف جمع الْجمع؛ قَالَ الله تَعَالَى: {وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ} (الْبَقَرَة: ٢٤٣) .
ويُقال: ألفٌ أَقرع، لِأَن الْعَرَب تذكِّر الْألف.
وَإِن أُنّث على أَنه جمع، فَهُوَ جَائِز.
وَأكْثر كَلَام الْعَرَب على التَّذكير.
أَبُو عُبيد: يُقَال: كَانَ الْقَوْم تِسعمائة وَتِسْعَة وَتِسْعين فآلَفْتُهم، مَمْدُود.
وَقد آلَفُوا هم، إِذا صَارُوا أَلفْاً.
وَكَذَلِكَ أَمْأَيتهم، فأَمْأَوْا، إِذا صَارُوا مِئة.
وَيُقَال: فلَان أَلِيفي وإِلْفي.
وهم أُلاّفِي.
وَقد نَزَع الْبَعِير إِلَى أُلاّفه؛ وَقَالَ ذُو الرُّمة:
أكُنْ مِثْلَ الأُلاّف لُزَّت كُراعُه
إِلَى أُختها الأُخرى ووَلّى صواحِبُهُ
وَيجوز الأُلاّف، وَهُوَ جمع آلِف.
وَقد ائتلف الْقَوْم ائتلافاً، فتآلفوا تآلُفاً.
وألّف الله بَينهم تَأْلِيفاً.
وأَوالف الطَّير: الَّتِي قد أَلِفت مكّة.
وأَوالف الحَمام: دواجنُها الَّتِي تألف البُيوت؛ وَقَالَ العجّاج:
أَوَالفاً مكةَ من وُرْق الحِمى