وأُدُم، وقَضِيم وقَضَم وقُضُم. وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِى} (لقمَان: ١٠) قَالَ الْفراء: فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا أَنه خلقهَا مَرْفُوعَة بِلَا عَمَد، وَلَا تحتاجون مَعَ الرُّؤْيَة إِلَى خَبَر. وَالْقَوْل الثَّانِي أَنه خلقهَا بعمَد، لَا ترَوْنَ تِلْكَ الْعمد. وَقيل: العمَد الَّتِي لَا ترى لَهَا قدرته. وَقَالَ اللَّيْث: مَعْنَاهُ: أَنكُمْ لَا ترَوْنَ الْعمد، وَلها عَمَد. واحتجّ بِأَن عَمدها جبل قَاف الْمُحِيط بالدنيا، وَالسَّمَاء مثل القبّة أطرافها عَلَى قَاف. وَهُوَ من زَبَرْجَدة خضراء. وَيُقَال إنّ خضرَة السَّمَاء من ذَلِك الْجَبَل، فَيصير يَوْم الْقِيَامَة نَارا تَحْشر النَّاس إِلَى المحْشَر.
وَفِي حَدِيث عمر بن الْخطاب فِي الجالب: يَأْتِي أحدهم بِهِ عَلَى عَمُود بَطْنه. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: عَمُود بَطْنه هُوَ ظَهْره. يُقَال: إِنَّه الَّذِي يُمْسِك الْبَطن ويقوّيه، فَصَارَ كالعمود لَهُ الجالب الَّذِي يجلب الْمَتَاع إِلَى الْبِلَاد. يَقُول: يُترك وبيعَه وَلَا يتَعَرَّض لَهُ حَتَّى يَبِيع سِلْعته كَمَا شَاءَ، فَإِنَّهُ قد احْتمل المشقّة والتعب فِي اجتلابه وقاسى السّفر وَالنّصب.
قَالَ أَبُو عبيد: وَالَّذِي عِنْدِي فِي عَمُود بَطْنه أَنه أَرَادَ: أَنه يَأْتِي بِهِ على مشقّة وتَعب وَإِن لم يكن ذَلِك على ظَهره إِنَّمَا هُوَ مَثل لَهُ. وَقَالَ اللَّيْث: عَمُود الْبَطن شِبه عِرْق مَمْدُود من لدن الرَهابة إِلَى دُوَين السُرّة فِي وَسطه يشق من بطن الشَّاة. قَالَ: وعمود الكبد: عِرْق يسقيها. وَيُقَال للوتين: عَمُود السَحْر. قَالَ: وعمود السنان: مَا توسَّط شَفْرتيه من عَيْره الناتىء فِي وَسطه.
وَقَالَ النَّضر: عَمُود السَّيْف: الشَطِيبة الَّتِي فِي وسط مَتْنه إِلَى أَسْفَله. وَرُبمَا كَانَ للسيف ثَلَاثَة أعمدة فِي ظَهره، وَهِي الشُطَبُ والشطائب. وعمود الأُذُنُ: مُعظمها وقِوامها. وعمود الإعصار: مَا يَسْطع مِنْهُ فِي السَّمَاء أَو يستطيل على وَجه الأَرْض.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود أَنه أَتَى أَبَا جهل يَوْم بدر وَهُوَ صَرِيع، فَوضع رجله عَلَى مُذَمَّرِه ليجهِز عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل: أعْمَدُ من سيّد قَتله قومه قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ: هَل زَاد عَلَى سيّد قَتله قومه هَل كَانَ إِلَّا هَذَا؟ أَي أَن هَذَا لَيْسَ بعاد. قَالَ: وَكَانَ أَبُو عبييدة يَحْكِي عَن الْعَرَب: أعمد من كيلِ مُحِقّ أَي هَل زَاد عَلَى هَذَا وَقَالَ ابْن مَيَّادة:
تُقَدَّم قيسٌ كلَّ يَوْم كريهة
ويُثنى عَلَيْهَا فِي الرخَاء ذنوبها
وأعمدُ من قومٍ كفاهم أخوهم
صِدَام الأعادي حِين فُلَّت نيوبها
يَقُول: هَل زِدْنَا عَلَى أَن كَفَينا إخوتنا. وَقَالَ شمر فِي قَوْله (أعمَدُ من سَيّد قَتله قومه) : هَذَا اسْتِفْهَام، أَي أعجب من رجل قَتله قومه. قلت: كَانَ فِي الأَصْل أأعمد من سَيّد فخففت إِحْدَى الهمزتين. وَأما قَوْلهم: أعمد من كيل محقّ فَإِنِّي سمعته فِي رِوَايَة ابْن جَبَلة وَرِوَايَة عليّ عَن أبي عبيد (محقّ) بِالتَّشْدِيدِ، ورأيته فِي كتاب قديم مسموع: أعمد من كيلٍ مُحِقَ