رَجعتْ وفودهمُ بتَيْمٍ بَعْدَمَا
خَرَزُوا المَبانِي فِي بَنِي زَدْهَامِ
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: فِي قَوْلهم: المِعزى تُبْهي وَلَا تُبني، أَي لَا تُعْطِي من الثلّة مَا يُبْنى مِنْهَا بَيْتٌ.
قَالَ: وأبنيت فلَانا بَيْتا، أَي أَعْطيته مَا يَبْني بَيْتا.
وروى شَمِر أَن مُخنّثاً قَالَ لعبد الله بن أبي أُمية: إِن فتح الله عَلَيْكُم الطَّائِف فَلَا تُفْلتنّ مِنْك باديةَ بنت غَيْلان، فَإِنَّهَا إِذا جَلست تَبَنَّت، وَإِذا تكلّمت تَغَنَّتْ، وَإِذا اضطجعت تَمنَّت، وَبَين رِجْلَيْهَا مِثل الْإِنَاء المُكْفأ.
قَالَ شَمر: سمعتُ ابْن الأعرابيّ يَقُول فِي قَوْله: (إِذا قعدت تَبَنَّت) ، أَي: فرَّجت بَين رِجْلَيها.
قلت: كَأَنَّهُ يَجعل ذَلِك من (المَبْناة) ، وَهِي القُبة من الأَدم، إِذا ضُربت ومُدَّت الأَطناب فانفرجت.
وَكَذَلِكَ هَذِه إِذا قَعَدت تَربَّعت وفرّجت رِجْلَيها.
وَقَوله (بَين رِجْليها مثل الْإِنَاء المُكْفأ) ، يَعْنِي: ضِخَم رَكَبها ونُهوده كَأَنَّهُ إِنَاء مَكْبُوب.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال بنى لَحْمَ فلانٍ طعامُه، يَبْنيه بِناءً، إِذا عَظُم من الْأكل؛ وأَنْشد:
بَنَى السَّوِيقُ لَحْمَها واللَّتُّ
كَمَا بَنَى بُخْتَ العِراق القَتُّ
قلت: وَجَائِز أَن يكون معنى قَول المخنّث (إِنَّهَا إِذا قَعدت تَبَنّت) من قَوْلهم. بَنى لحمَ فلانٍ طعامُه، إِذا سَمّنه وعَظَّمه.
وَكَانَ الرجل إِذا جَمع إِلَيْهِ أَهله ضَرب عَلَيْهَا بَيْتاً، وَلذَلِك قيل: بَنى فلانٌ على أَهْله.
بَين بون: يُقال: بَان الحقّ يَبين بَيَاناً؛ فَهُوَ بائِن.
وَأَبَان يُبين إبانة؛ فَهُوَ مُبين، بِمَعْنَاهُ؛ وَمِنْه قولُه تَعَالَى: {} (الزخرف: ١، ٢) .
وَقيل: {حم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - وَالْكِتَابِ} هُوَ مُبين كُلّ مَا يُحتاج إِلَيْهِ.
وَقَالَ الزجّاج فِي قَوْله تَعَالَى: {تِلْكَ ءايَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ} .
يُقال: بَان الشيءُ وَأَبَان، بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ: وَيُقَال: بَان الشيءُ، وأَبَنْتُه.
فَمَعْنَى (مُبين) مبيِّن، أَي إِنَّه مُبين خَيره وبركته، ومُبين الْحق من الْبَاطِل، والحلال من الْحَرَام، ومُبين أَن نُبوة النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حقّ، ومُبين قصَص الْأَنْبِيَاء.
قلت: وَيكون (المُستبين) أَيْضا، بِمَعْنى (المُبين) .
يُقال: بَان الشَّيْء، وبَيّن، وَأَبَان،