الطَّاعَات مَا بَقي، وَلَو عَاشَ مائَة سنة يَعمل الطَّاعَات وَلَا نيّة لَهُ فِيهَا أَنه يعملها لله، فَهُوَ فِي النَّار.
والنّية: عَمل الْقلب، وَهِي تَنْفَع الناوي وَإِن لم يعْمل الْأَعْمَال، وأداؤها لَا يَنفعه دونهَا.
فَهَذَا معنى قَوْله: (نِيَّة الرجل خيرٌ من عمله) .
قَالَ أَبُو عُبيد: وَمن أَمْثَال الْعَرَب فِي الرَّجل يُعْرف بالصِّدْق يُضْطَرّ إِلَى الْكَذِب، قَوْلهم: عِندَ النّوى يَكْذبك الصَّادِقُ.
وَذكر قِصَّة العَبد الَّذِي خُوطر صاحبُه على كذبه.
والنَّوَى: هَاهُنَا: مَسِير الحيّ مُتحوِّلين من دارٍ إِلَى أُخرى.
وأَخبرني المُنذري، عَن الحرّاني، عَن ابْن السِّكيت، قَالَ: النِّية والنَّوى: الْوَجْه الَّذِي تُريده وتَنْويه.
قَالَ: ونَوِيّك: صاحبُك الَّذِي نِيّته نِيّتك؛ وأَنْشد:
وَقد عَلِمْت إذْ دُكين لي نَوِي
أنّ الشَّقِيّ يَنْتَحِي لَهُ الشَّقِي
قَالَ: وحَكى الفَرّاء: نَواه اللَّهُ، أَي: صَحِبه الله. وَيكون: حَفِظه الله.
قَالَ: ورجلٌ مَنْوِيٌّ، ونِيّةٌ مَنْوِيّة.
إِذا كَانَ يُصيب النُّجْعة المَحْمودَة.
وَفِي حَدِيث عَبد الرحمان بن عَوْف: أنّ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى عَلَيْهِ وَضَراً من صُفرة فَقَالَ: مَهْيَم. فَقَالَ: تَزوَّجت امْرَأَة من الْأَنْصَار على نَواةٍ من ذهب. فَقَالَ: (أَوْلِمْ وَلَو بِشَاة) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: على نواة؛ يَعْنِي: خَمْسَة دَرَاهِم، فسمَّى (نواة) ، كَمَا تُسمَّى الْأَرْبَعُونَ: أَوقيّة، وَالْعشْرُونَ نَشًّا.
وَقَالَ: حدّثني يحيى بن سعيد، عَن سُفيان، عَن مَنصور، عَن مُجَاهِد، قَالَ: الْأُوقِيَّة أَرْبَعُونَ، والنَّشّ عشرُون، والنَّواة خَمْسَة.
قلت: وَلَفظ حَدِيث عبد الرحمان يدُلّ على أنّه تَزوّج امْرَأَة على ذَهب قِيمَته خَمْسة دَرَاهِم، أَلا ترَاهُ قَالَ: على نواة من ذَهب.
وَرَوَاهُ جماعةٌ عَن حُميد، عَن أنس. وَلَا أَدري لِمَ أَنْكره أَبُو عُبيد؟
وَقَالَ إِسْحَاق: قلت لِأَحْمَد بن حَنبل: كم وَزْن نَواة من ذَهب؟ قَالَ: ثَلَاثَة دَراهم.
قَالَ: وَقَالَ لي إِسْحَاق: النواة: خَمْسَة دَرَاهِم.
وَقَالَ المُبرد فِي تَفسير (النواة) مثلَ قَول أبي عُبيد سَوَاء.
وَقَالَ: العربُ تَعْنِي بالنّواة خَمسة دَراهم.
قَالَ: وَأَصْحَاب الحَدِيث يَقُولون: على نَواة من ذَهب قِيمتُها خَمْسة دَرَاهِم، وَهُوَ