يُبَالغ وقصّر فِيمَا اعتُمد عَلَيْهِ. وَفِي الحَدِيث أَن بني إِسْرَائِيل كَانُوا إِذا عُمِل فيهم بِالْمَعَاصِي نَهَاهُم أَحْبَارهم تعذيراً، فعمَّهم الله بالعقاب، وَذَلِكَ إِذا لم يبالغوا فِي نهيهم عَن الْمعاصِي وداهنوهم وَلم ينكروا أعمالَهم بِالْمَعَاصِي حقّ الْإِنْكَار.
ورُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لن يهْلك النَّاس حَتَّى يُعْذِروا من أنفسهم) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عُبيدة: يَقُول حَتَّى تكْثر ذنوبهم وعيوبهم.
قَالَ: وَفِيه لُغَتَانِ، يُقَال أعذر الرجل إعذاراً إِذا صَار ذَا عيب وَفَسَاد.
وَكَانَ بَعضهم يَقُول: عَذَر يَعْذِر بِمَعْنَاهُ، وَلم يعرفهُ الأصمعيَّ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا أرى أَخذ هَذَا إلَاّ من العُذْر، يَعْنِي: يعذِروا من أنفسهم باستيجابهم الْعقُوبَة فَيكون لمن يعذّبهم العذرُ فِي ذَلِك.
قَالَ: وَهُوَ كالحديث الآخر: (لن يهلِك على الله إِلَّا هَالك) ، وَمِنْه قَول الأخطل:
فَإِن تَكُ حَرْبُ ابنَيْ نِزَارٍ تواضعت
فقد عَذَرْتنا فِي كلاب وَفِي كَعْب
ويروى: أعذرتْنا أَي جعلَتْ لنا عذرا فِيمَا صنَعْنا. وَمِنْه قَول النَّاس: من يَعْذِرني من فلَان. وَقَالَ ذُو الإصبع العَدْوانيّ:
عذَيرَ الحيّ من عَدْوا
ن كَانُوا حَيَّة الأَرْض
أَي هاتِ عَذِير الحيّ من عَدْوان أَي من يَعْذِرني، كَأَنَّهُ قَالَ: هَات من يَعْذِرني. وَمِنْه قَوْله:
عَذِيرَك مِن خَلِيلك من مُرَاد
وَهَذَا يرْوى عَن عليّ ح. وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: مَن عَذِيري من فلَان أَي مَن يَعْذِرني مِنْهُ، كَأَنَّهُ يخبر بإساءته إِلَيْهِ واستيجابه المجازاة، فَيَقُول: من يَعْذِرني مِنْهُ إِذا جازيتُه بِسوء فعله. قَالَ: وعذير الرجل: مَا يروم وَمَا يحاول ممَّا يُعْذَر عَلَيْهِ إِذا فعله. قَالَ العجَّاج يُخَاطب امْرَأَته:
جاريَ لَا تستنكري عذيري
سَعْيي وإشفاقي على بَعِيري
وَذَلِكَ أَنه عزم على السّفر فَكَانَ يرُمّ رَحْل راحلتِه لسفره، فَقَالَت لَهُ امْرَأَته: مَا هَذَا الَّذِي تَرُمّ؟ فخاطبها بِهَذَا الشّعْر، أَي لَا تنكري مَا أحاول. وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: أَعْذَر فلَان من نَفسه أَي أُتِي من قِبَل نَفْسه. قَالَ: وعَذّر يُعَذّر من نَفسه أَي أُتِي من نَفسه. قَالَ يُونُس: هِيَ لُغَة للْعَرَب. قَالَ: وَقَالَ خَالِد بن جَنْبة. يُقَال: أَما تُعْذِرني من هَذَا بِمَعْنى: أما تُنْصفني مِنْهُ، يُقَال: أعذِرني من هَذَا أَي أنصِفني مِنْهُ. وَيُقَال: لايُعْذِرك من هَذَا الرجل أحد، مَعْنَاهُ: لَا يُلزِمه الذنبَ فِيمَا تضيف إِلَيْهِ وتشكوه بِهِ. وَمِنْه قَوْلهم: من يَعذرني من فلَان أَي من يقوم بعُذْري إِن أَنا جازيته بسُوء صَنِيعه فَلَا يُلزمني لوماً على مَا يكون منّي إِلَيْهِ. وَيُقَال: اعتذر فلَان اعتذاراً وعِذْرة ومَعْذِرة من ذَنبه فعذَرته. قَالَ: وتعذَّر عليَّ هَذَا الأمرُ إِذا لم يستقم. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: عذيري من فلَان أَي من يَعْذِرني. ونصبه على إِضْمَار هلمّ معذرتَك إيَّاي. قَالَ: والعذير أَيْضا: