قلت: وَكَلَام الْعَرَب على مَا قَالَ أَبُو الْهَيْثَم. وَقد سمعتُ نَحوا مِمَّا قَالَ من بعض الْعَرَب. ورُوي عَن النَّبِي أَنه أَفَاضَ من عَرَفَة وَعَلِيهِ السَكِينة، وأوضع فِي وَادي مُحَسِّر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الإيضاع: سير مثل الخَبَب، وَأنْشد:
إِذا أُعطيتُ رَاحِلَة ورَحْلا
وَلم أُوضِع فَقَامَ عليَّ ناعِي
قلت الإيضاع: أَن يُعْدِي بعيره ويحملَه على العَدْو الحثيث. وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي أَنه دفع من عَرَفَات وَهُوَ يسير العَنَق، فَإِذا وجد فَجْوة نصّ. فالنصّ التحريك حَتَّى يسْتَخْرج من الدَّابَّة أقْصَى سَيرهَا، وكذل الإيضاع.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: وضعت الشَّيْء أَضَعهُ وضعا، وَهُوَ ضدّ رفعته. وَرجل وضيع، وَقد وضُع يَوْضُع وَضَاعة وضَعَةً. وَهُوَ ضدّ الشريف. ووُضِع فلَان فِي تِجَارَته فَهُوَ مَوْضُوع فِيهَا إِذا خسِر فِيهَا. قَالَ: والوضائع: قوم كَانَ كسْرَى ينقلهم من بِلَادهمْ، ويُسكنهم أَرضًا أُخْرَى حَتَّى يصيروا بهَا وَضِيعةً أبدا. قَالَ والوضيعة: قوم من الْجند يَجْعَل أَسمَاؤُهُم فِي كُورة لَا يَغْزُون مِنْهَا.
قلت: أمّا الوضائع الَّذين وَصفهم فهم شبه الرهائن، كَانَ كسْرَى يرتهنهم ويُنزلهم بعض بِلَاده.
وَقَالَ اللَّيْث: والخيَّاط يُوضِّع الْقطن توضيعاً على الثَّوْب. والمواضع مَعْرُوفَة وَاحِدهَا مَوضِع. والمواضعة: أَن تواضع صَاحبك أمرا تناظره فِيهِ وَيُقَال: دخل فلَان أمرا فَوَضعه دُخُوله فِيهِ فاتّضع. قَالَ: والتواضع التذلّل. فَهَذَا جَمِيع مَا ذكره اللَّيْث فِي بَاب وضع.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: يُقَال هَؤُلَاءِ أَصْحَاب وَضِيعة أَي أَصْحَاب حَمْض مقيمون لَا يخرجُون مِنْهُ، وَهِي إبل وَاضِعَة أَي مُقِيمَة فِي الحَمْض.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الحَمْضُ يُقَال لَهُ الوَضِيعة. وَالْجمع وَضَائع. وَقد وَضَعت الْإِبِل تضع إِذا رعت الحمض.
وَقَالَ أَبُو زيد إِذا رعت الإبلُ الحَمْض حول المَاء فَلم تَبْرَح قيل: وضعت تضع وَضِيعة، ووضعتها أَنا فَهِيَ مَوْضُوعَة.
ابْن الْأَعرَابِي: تَقول الْعَرَب: أُوْضِعْ بِنَا وأَخْلِلْ، والإيضاع فِي الحَمْضِ والإخلال فِي الخُلَّة وَأنْشد:
وَضعهَا قيس وَهِي نزائع
فطرحت أَوْلَادهَا الوضائع
وَقَالَ أَبُو سعيد الوَضِيعة: الحَطِيطة. وَقد استوضع مِنْهُ إِذا استحطّ. وَقَالَ جرير:
كَانُوا كمشتركين لمّا بَايعُوا
خسِروا وشَفَّ عَلَيْهِم فاستَوْضعوا
قَالَ: والوضائع: مَا يَأْخُذهُ السُّلْطَان من الْخراج والعُشُور. والوضيع: أَن يوضع التَّمْر قبل أَن يجفّ، فَيُوضَع فِي الجَرِين.
وَفِي الحَدِيث (من رفع السِّلَاح ثمَّ وَضعه