الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: يُقَال: أَتَيْته من عَلُ بِضَم اللَّام، وأتيته من عَلُو بِضَم اللَّام وَسُكُون الْوَاو، وأتيته من عَلِي بياء سَاكِنة، وأتيته من عَلْوُ بِسُكُون اللَّام وضمّ الْوَاو، وَمن عَلْوَ ومَن عَلْوِ وَأنشد:
من عَلْوَ لَا عَجَب مِنْهَا وَلَا سَخَر
وَيروى من عَلْوُ وَمن عَلْوِ. قَالَ وَيقال: أَتَيْته من عالٍ وَمن مُعَالٍ. وَأنشد:
ظمأى النَسَا من تحتُ، ريّا من عالْ
وَأنشد فِي معال:
وَنَغَضان الرحل من مُعالِ
وَقال الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كَبِيراً عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - اْ أَسَاوِرَ} (الإنسَان: ٢١) قرىء (عاليهم) بِفَتْح الْيَاء و (عاليهم) بسكونها. قَالَ الْفراء: من فتح (عاليهم) جعلهَا كالصفة: فَوْقهم. قَالَ: وَالعرب تَقول: قوتك دَاخل الدَّار فَيَنْصبُونَ دَاخل لِأَنَّهُ محلّ، فعاليهم من ذَلِك.
وَقَالَ الزّجاج: لَا يُعرف (عالَيا) فِي الظروف. قَالَ: ولعلّ الْفراء سمع بعالي فِي الظروف. قَالَ: وَلَو كَانَ ظرفا لم يجز إسكان الْيَاء، وَلَكِن نَصبه على الْحَال من شَيْئَيْنِ: أَحدهمَا من الْهَاء وَالْمِيم فِي قَوْله: {سَلْسَبِيلاً وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ} (الْإِنْسَان: ١٩) ثمَّ قَالَ {كَبِيراً عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - اْ أَسَاوِرَ} أَي فِي حَال علوّ الثِّيَاب إيَّاهُم. قَالَ: وَيجوز أَن يكون حَالا من الْولدَان. قَالَ: فالنصب فِي هَذَا بيّن. قَالَ وَمن قَرَأَ (عاليهم) فرفْعه بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر {ثِيَاب سندس.
قَالَ وَقد قرىء (عاليتَهم) بِالنّصب، و (عاليتُهم) بِالرَّفْع، وَالْقِرَاءَة بهما لَا تجوز، لخلافهما الْمُصحف. وقرىء (عَلَيْهِم ثِيَاب سندس) وَتَفْسِير نصب (عاليتهم) ورفعِها كتفسير (عاليهم) و (عاليهم) .
وَقَالَ ابْن السّكيت: سِفْل الدَّار وعِلْوها وسُفْلها وعُلْوها. وَيُقَال: علا فلَان الْجَبَل إِذا رَقِيه، يعلوه عُلُوْاً، وَعلا فلَان فلَانا إِذا قهره، وَعلا فلَان فِي الأَرْض إِذا تكبّر وطغى. وَيُقَال: فلَان تعلو عَنهُ الْعين بِمَعْنى تنبو عَنهُ، وَإِذا نبا الشيءُ عَن الشَّيْء وَلم يلصَق بِهِ فقد علا عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: عالى كل شَيْء أَعْلَاهُ. وَكَذَلِكَ عاليه كل شَيْء أَعْلَاهُ وَيُقَال نزل فلَان بعالية الْوَادي وَسافلته. فعاليته: حَيْثُ ينحدر المَاء مِنْهُ، وَسافلته، حَيْثُ ينصبّ إِلَيْهِ، وَعالية تَمِيم هم بَنو عَمْرو بن تَمِيم، وهم بَنو الهُجَيم والعنبر ومازِن. وعُليا مضرهم قُرَيْش وَقيس. قَالَ و (على) صفة من الصِّفَات وَللعرب فِيهَا لُغَتَانِ: كنت على السَّطْح، وَكنت أَعلَى السَّطْح.
وَقَالَ اللَّيْث: الله تبَارك وتَعالى هُوَ الْعلي المتعالي العالي الْأَعْلَى ذُو الْعَلَاء والعُلَا وَالمَعَالي، تَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ عُلُوّاً كَبِيرا. وَهُوَ الْأَعْلَى سُبْحَانَهُ بِمَعْنى العالي قَالَ: وَتَفْسِير تَعَالَى: جلّ عَن كل ثَنَاء، فَهُوَ أعظم وأجلّ وَأَعْلَى مِمَّا يُثنَى عَلَيْهِ، لَا إلاه إلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ.
قلت: وَتَفْسِير هَذِه الصِّفَات لله يقرب بَعْضهَا من بعض، فالعليّ الشريف فعيل من علا يَعْلُو، وَهُوَ بِمَعْنى العالي، وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ فَوْقه شَيْء. وَيُقَال: هُوَ الَّذِي علا