وروى أَبُو صَالح السَّمَّان عَن أبي هُرَيْرة أنَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَرَ بالتَّجَنُّح فِي الصَّلَاة فشَكا ناسٌ إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الضَّعْفَ فَأَمرهمْ أَن يستعينوا بالرُّكَب. قَالَ شمر: التّجنُّح والاجْتِناح كَأَنَّهُ الِاعْتِمَاد فِي السُّجود على الكَفّيْن والادِّعامُ على الرّاحتيْن وتَرْكُ الافْتراشِ للذِّرَاعين، قَالَ: وَقَالَ ابْن شُمَيْل: جَنَح الرجلُ على مَرْفِقَيْه إِذا اعْتمد عَلَيْهِمَا وَقد وضعهما بِالْأَرْضِ أَو على الوِسادة يَجْنحُ جُنوحاً وجَنْحاً.
قَالَ شمر: وَمِمَّا يُصَدِّق ذَلِك حَديثُ النُّعْمان بن أبي عَيّاش قَالَ: شكا أَصْحَاب رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَيْهِ الاعتمادَ فِي السُّجود، فرخَّص لَهُم أَن يستعينُوا بمرافِقِهم على رُكَبهم.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الاجْتِناحُ فِي النَّاقة: كَأنّ مُؤَخّرها يُسْنَد إِلَى مُقَدَّمها من شدَّة اندفاعها يَحْفِزُها رِجْلاها إِلَى صدرها.
وَقَالَ شمر: اجتنَحَتِ النّاقةُ فِي سَيْرها إِذا أَسْرَعَت وَأنْشد:
من كُلِّ وَرْقاء لَهَا دَفٌّ قَرِحْ
إِذا تَبادَرْنَ الطريقَ تجْتَنِحْ
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: المُجْتَنِح من الخيْل: الَّذِي يكون حُضْرُه وَاحِدًا لأحد شِقَّيْه يَجْتنِح عَلَيْهِ أَي يعْتَمِدُه فِي حُضْره.
وَقَالَ اللَّيْث: جَنَح الظَّلامُ جنوحاً إِذا أقبل اللَّيْل. وجنحُ الظلام وجُنْحهُ لُغَتَانِ، وَيُقَال: كَأَنَّهُ جِنْحُ ليل يُشَبَّه بِهِ العسكرُ الجرار.
غَيْرِ سُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
١٧٦٤ - ءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ} (القَصَص: ٣٢) معنى جَنَاحك هُنَا العَضُد، وَيُقَال: اليدُ كُلّه جَناحٌ، وَقَالَ فِي قَوْله جَلّ وَعز: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} (الإسرَاء: ٢٤) أَي أَلِنْ لَهما جانِبَك.
اللَّيْث: جَنَحَتِ الْإِبِل فِي سَيرهَا إِذا أسرعت، والنَّاقةُ الباركةُ إِذا مَالَتْ على أحد شِقَّيها يُقَال: جَنَحَت، وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
إِذا مَال فَوق الرَّحْل أَحْييْتِ نَفْسه
بِذِكْراك والعِيسُ المَراسيلُ جُنَّحُ
وَيُقَال للناقة إِذا كَانَت واسِعةَ الْجَنْبَيْن إِنَّهَا لمجنحة الْجَنْبَين.
وجَوَانِح الصَّدْر من الأضلاعِ: المتصلةُ رُؤوسُها فِي وَسْطِ الزَّوْر، الْوَاحِدَة جانِحَة.
وَيُقَال: أقمتُ الشيءَ فاستقَام، وأجنحتُ الشيءَ أَي أَمَلْته فجنح أَي مَال، وَقَالَ الله: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (الأنفَال: ٦١) أَي إِن مالوا إِلَيْك للصلح فمِلْ إِلَيْهَا، والسِّلْمُ: المُصَالَحة، وَلذَلِك أُنِّثَتْ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ} (البَقَرَة: ٢٣٥) الْجُنَاحُ: الْجِنَايَة والْجُرْمُ، وَأنْشد قولَ ابْن حِلِّزَةَ:
أَعلينا جُناحُ كِنْدَةَ أَنْ يَغْ
نَمَ غَازِيهُمُ ومِنَّا الجَزَاءُ