مقام النبوة لا يتعارض مع الابتلاء
السُّؤَالُ
ـنحن كمسلمين نؤمن بأن الله تعالى رفع المسيح عليه السلام إلى السماء ولم يسمح بصلبه كما نجده عند النصارى أي أن الله تعالى قد حفظه. ولكن سؤالي هو: متى رفعه الله تعالى هل قبل تسليمه لليهود أم قبل الصلب بقليل خصوصا أنه في طريقه إلى الصلب تلقى الإهانات بالضرب وغيره مما لا يليق بإنسان فما بالك بنبي وبما أنه نبي فمن المؤكد أنه لن يسمح مولانا بأن يهان عبده ونبيه؟ وجزاكم الله خيراـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا تفسير قوله تعالى: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ {النساء: ١٥٧} في الفتوى رقم: ٦٢٣٨ وذكرنا هناك كيف ألقى الله تعالى شبه عيسى عليه السلام على غيره من عدة وجوه، ليس في واحد منها أن اليهود قد ساقوا عيسى عليه السلام إلى الصلب بل فيها كلها أن الله تعالى قد أنجاه عليه السلام ورفعه قبل أن يصل إليه اليهود، وأن الذي ساقوه إلى الصلب هو الذي ألقي عليه شبه عيسى عليه السلام.
وللمزيد من الفائدة راجع الفتوى رقم: ٥٣٠٢٩ والفتوى رقم: ١٠٣٢٦.
وننبه الأخت السائلة إلى أن مقام النبوة لا يتعارض مع الابتلاء بل إن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الناس أشد بلاء فقال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، فيبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان دينه صلبا اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض ما عليه خطيئة. رواه الترمذي وابن ماجه والنسائي في السنن الكبرى، وصححه الترمذي والألباني.
وقد ابتلي معظم الأنبياء وأوذوا من قبل الكفار ومنهم عليهم السلام من قتل كزكريا ويحيى عليهما السلام، وغيرهما.
قال الله تعالى عن بني إسرائيل: أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ {البقرة: ٨٧} وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ {آل عمران: ٢١}
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٠ رجب ١٤٢٦