رؤية النبي في المنام بشرى خير
السُّؤَالُ
ـأنا امرأة في الثلاثين من عمري رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام خمس مرات في المنام في فترات متفاوتة، في المرة الأولى رأيته من الخلف وأعطيته سجادتي ليصلي عليها، في المرة الثانية رأيته وجلست معه وتحدثنا طويلا وكنت أضع يدي على ركبته ووعدني بالجنة، وقال أنت في الجنة وذكر لي عددا لا يفوق المائة على يمينه وقبل أن يغادر قدم لي فتاة طويلة بثوب أبيض وقال هذه صاحبتك، ثم أشار إلى جدتي وقال هذه زوجتي، وفي المرة الأخرى كنت أجلس في مكان عرفت أنه الجنة وكنت أراه صلى الله عليه وسلم من الخلف ومرة أخرى قابلته في قمة الجبل وأجلسني على كرسي من حجر الجبل وكنت خائفة لكنه طمأنني وقال لي هذا الكرسي لك. علما وأن هذه اللقاءات كانت مع الرسول عليه الصلاة والسلام منذ سنوات قبل أن أتزوج وأنجب بنتا وولدا، وكثيرا ما أحس ان ابنتي تشبه الفتاة التي قدمها لي رسول الله كصاحبة، وبيت الزوجية بني من حجارة الجبل وقرب الجبل.
فهل فعلا من رأى الرسول يحرم جسده على النار وهل وعده لي بالجنة حق. علما وأنني أقيم فرائضي الدينية منذ صغري وأجبرت على تعرية شعري بعد أن تحجبت وإلا أطرد من عملي، والحمد لله بارة بوالدي الفقيرين المريضين، وأعيل إخوتي الصغار وأصرف على بيتي وأولادي.
صدقوني رأيت وجه رسول الله بكل دقة وأتذكره جيدا وأتذكر صفاته بكل دقة وأفرح كثيرا بهذه الصورة النبيلة التي حفرت في ذاكرتي حفرا.ـ
الفَتْوَى
خلاصة الفتوى:
رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام على صورته المعروفة في السنة والسيرة دليل خير وبشرى لصاحبها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنيئا لك على محبة النبي صلى الله عليه وسلم ورؤيته في المنام وحرصك على أداء الفرائض الدينية.. ففي الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قال: من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل بي. وفي رواية: فقد رأى الحق. وفي رواية: ومن رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ومن كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار. وهذا لفظ البخاري.
ولذلك فإن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم على صورته المعروفة في السنة والسيرة لا شك أنها بشرى لصاحبها كما قال أهل العلم. وسبق بيان ذلك بتفصيل أكثر في الفتوى: ٧٣٠٠١، وما أحيل عليه فيها.
وبخصوص تحريم جسد صاحبها على النار فإننا لم نقف له على دليل يثبته أو ينفيه.
وأما وعده صلى الله عليه وسلم لك بالجنة فإنه يُستبشر به، وينبغي لك أن تجتهدي في الأعمال الصالحة حتى تتحقق لك هذه البشارة إن شاء الله، وأما باقي الرؤى فبإمكانك أن تسألي عنها أهل الاختصاص في تعبير الرؤيا.
ولتعلمي- أختي الكريمة- أن الحجاب فرض من الله تعالى على كل مسلمة بالغة؛ كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ {الأحزاب: ٥٩}
وسبق بيان حكم العمل الذي يلزم المسلمة بخلع حجابها وأنه لا يجوز، وذلك في الفتوى: ٦٩٨٨٩، ولذلك فإن عليك أن تتركي هذا العمل، فإذا كنت لا تستطيعين ترك العمل بالكلية فإن عليك أن تبحثي لك عن عمل آخر يسمح صاحبه بارتداء الحجاب.
وإذا كنت مضطرة له ولم تجدي بديلا عنه فلك أن تعملي فيه بقدر الحاجة وللضرورة فقط، مع وجوب البحث والتحري عن عمل آخر؛ لأن هذا من باب الضرورات التي تبيح المحظورات، والله تعالى يقول: فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {البقرة: ١٧٣} ويقول تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ {الأنعام: ١١٩} .. الآية.
والله أعلم.
تَارِيخُ الْفَتْوَى
١٦ شعبان ١٤٢٨