مباركة الوقت في حق الأنبياء والأولياء أمر لا ينكر
السُّؤَالُ
ـيا شيخ كما هو معلوم أن الحبيب قرأ مرة البقرة وأيضا آل عمران والنساء وفي روايات أن ركوعه كان مثل قيامه وسجوده كذلك.. إذا كانت قراءته كلها لثلاث سور مع ترتيل الرسول ٣ ساعات تقريبا طيب ولو زدنا ٣ لركوعه و٣ لسجود هكذا طلع الفجر بل وقربنا للظهر فكيف أفهم هذا الحديث وشكراـ
الفَتْوَى
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالحديث المشار إليه رواه مسلم وأحمد وغيرهما عن حذيفة: قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبا من قيامه.
وهنا ننبه إلى أمر مهم وهو أن الوقت أي الزمان مخلوق من مخلوقات الله تعالى، فقد يبارك الله تعالى فيه في حق أنبيائه وأوليائه فيقومون بالعمل الكثير في وقت قليل من حيث الحساب ولكنه كثير من حيث البركة، قال النفراوي المالكي في الفواكه الدواني: ولا يشكل على هذا ما قيل إن بعض الأكابر كان يختم القرآن في ليلة لأن الأولياء يفسح لهم في الزمن كما تطوى لهم الأرض، وكراماتهم لا ينازع فيها إلا محروم. اهـ
وإليك بعض الأمثلة:
ذكر محمد بن حبان البستي عن زوجة عثمان رضي الله عنه أنها قالت للبغاة الذين أرادوا قتله: إن شئتم قتلتموه وإن شئتم تركتموه، فإنه كان يختم القرآن كل ليلة في ركعة.
وكذا كان الصحابي تميم الداري فقد ذكر محمد بن حبان البستي في الثقات قال: حدثنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن ابن سيرين أن تميما الداري قرأ القرآن كله في ركعة.
"ذكر محمد بن حبان البستي عن المحدث منصور بن زاذان أنه كان خفيف القراءة وكان يختم القرآن بين الأولى - أي الظهر- والعصر وبين المغرب والعشاء.
وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بسنده أن البخاري إذا كان أول ليلة من شهر رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية وكذلك إلى أن يختم القرآن، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القران فيختم عند السحر في كل ثلاث ليال، وكان يختم بالنهار كل يوم ختمة ويكون ختمة عند الإفطار كل ليلة ويقول: عند كل ختم دعوة مستجابة.
وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد بسنده إلى علي بن المديني أن الإمام المحدث يحيى بن سعيد القطان كان يختم القرآن في كل يوم وليلة بين المغرب والعشاء.
وقال ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة أبي بكر بن عياش: أحد الأئمة سمع أبا إسحاق السبيعي والأعمش وهشام وهمام بن عروة وجماعة وحدث عنه خلق منهم أحمد بن حنبل، وقال يزيد بن هارون: كان حبرا فاضلا لم يضع جنبه إلى الأرض أربعين سنة، قالوا: ومكث ستين سنة يختم القرآن في كل يوم ختمة كاملة.
وروى الربيع عن الشافعي أنه كان يختم في كل ليلة ختمة، وإذا كان رمضان ختم ستين ختمة.
وأخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى عن الإمام سعيد بن جبير أنه قال: قرأت القرآن في ركعة في الكعبة.
وهذا كثير جدا يصعب تتبعه.
والله أعلم
تَارِيخُ الْفَتْوَى
٠٣ صفر ١٤٢٥